قبل 20 عاما مضت، اتفق القادة الأفارقة على تعديل هياكل منظمة الوحدة الأفريقية التي تأسست عام 1963، لتواكب التحديات التي تواجه القارة السمراء وشعوبها في عالم متغيّر تتسابق فيه القوة الدولية على فرض هيمنتها في مختلف بقاع العالم.
هذا الاتفاق، كان انطلاقة لإنشاء الاتحاد الإفريقي الذي حدّد أهدافه في جعل المنتظم القاري أكثر فعالية ومواكبة للتطوّرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الداخلية والخارجية، و شدّد على تثبيت مبادئ الوحدة والانتماء التي رسّخها الرعيل الأول من الزعماء الأفارقة تجسيدا للتضامن والتلاحم بين شعوب القارة، وتعزيز العمل المشترك للتصدي لمختلف الأزمات ومعالجة الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي على نحو فعّال.
الأهداف التي رسمها القادة الأفارقة وهم يضعون حجر الأساس للإتحاد الإفريقي، كانت كثيرة وكبيرة، وقد تكون المناسبة مواتية لتقييم مسيرة هذا المنتظم الذي يضمّ 55 دولة بعد عقدين من تأسيسه. ولعلّ من أبرز انجازاته، أنه استطاع بالرغم من التحديات والصعوبات، أن يحافظ على وحدة القارة، ويدافع عن حقوق ومصالح الشعوب الأفريقية.
وإلى حدّ كبير، حقّق الاتحاد الافريقي تطوراً أيضاً في مسألة وسائل انتقال السلطة في القارة، وعمل كثيرا للتخلّص من أسلوب الانقلابات العسكرية الذي وسم عمليات الانتقال السياسي لعقود طويلة، حيث وضع الآليات اللازمة لإجهاض ومحاصرة أي تحرّك عسكري من الجيوش الوطنية للاستيلاء على السلطة بشكل غير دستوري.
ونحن نقف هذه الأيام على تفعيل مؤسسات الإتحاد وقوانينه ضد الانقلابيين في كلّ من مالي وغينيا وبوركينافاسو، والضغط عليهم لإرغامهم على إعادة الحكم لسلطة منتخبة.
كما نجح الإتحاد الإفريقي في تدشين آليتين أنجزتا مهاماً ناجحة حتى الآن لتوطين الأمن والسلم في أفريقيا، وهما لجنة الحكماء المؤسسة عام 2007، التي تقوم بالوساطة في حالة النزاع السياسي الداخلي، وآلية النظراء المنوط بها مراقبة ومراجعة أداء الدول الأفريقية، من حيث الاستجابة لشروط الحكم الرشيد.
وفي السياق يتفاعل الاتحاد الأفريقي حالياً مع جهود إصلاحه المؤسسي، حتى يكون أكثر فاعلية.
وفي مواجهة المصاعب الاقتصادية، يعتبر إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية، أهم إنجاز لتحقيق طفرة في التجارة البينية للدول الأعضاء، وتقليل الفجوة في الواردات من خارج حدود القارة.
هي إنجازات لا يمكن حصرها في هذه الوقفة حققها الإتحاد الإفريقي خلال 20 سنة، لكن أمام هذا المنتظم تقف تحديات وصعوبات أخرى، لعلّ أخطرها هو اجتثاث الإرهاب ووقف التدخلات الخارجية وإسكات صوت السلاح وإنهاء الصراعات الداخلية عبر الأفارقة أنفسهم، وتطوير الوساطة الأفريقية واحترام المبادئ الإنسانية وحقوق الإنسان.
كما لا تزال هناك تحديات في طريق الاتحاد القاري، بينها استكمال البناء المؤسسي، وتعزيز الإصلاحات القيادية للمفوضية الأفريقية، إضافة إلى ترسيخ مبدأ المساءلة والحساب في المجال المالي والإداري.
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق