ينتظر مراجعة الرسوم الجمركية المفروضة على مواد غذائية، وأنشطة في التجارة الإلكترونية وأجهزة الإعلام الآلي، في قانون المالية التكميلي لسنة 2022، بعد تعليمات تجميد تطبيق هذه الرسوم من قبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
من بين مخرجات مجلس الوزراء، أمس الأحد، قرارات هامة تخص المحافظة على القدرة الشرائية للجزائريين وضمان استقرار أسعار بعض المواد، إذ أمر الرئيس بتجميد كلّ الضرائب والرسوم، لاسيما الرسوم التي تضمنها قانون المالية 2022 على بعض المواد الغذائية، بداية من اليوم حتى إشعار آخر.
وتقرر أيضا إلغاء كل الضرائب والرسوم، على التجارة الإلكترونية، والهواتف النقالة الفردية، ووسائل الإعلام الآلي الموجهة للاستعمال الفردي، والمؤسسات الناشئة، والاكتفاء بالتعريفات المقنّنة حاليا.
اختلالات في الرسوم
في الموضوع، قال الخبير الاقتصادي نبيل جمعة، في تصريح لـ “الشعب أونلاين”، إن قانون المالية لسنة 2022 حمل اختلالات كثيرة في الشق المتعلق بالرسوم الجمركية المفروضة على بعض المواد، منها ما له علاقة بالقدرة الشرائية للمواطنين، وأخرى تعيق مساعي تطوير الرقمنة وتعميمها، وتشجيع استحداث مؤسسات ناشئة.
ويوضح جمعة أن الرئيس تبون يكون قد لاحظ نقاطا تتعارض مع برنامج تعزيز المحافظة على القدرة الشرائية، وتتناقض مع أهداف تطوير اقتصاد البلاد في جوانب معينة.
ويضيف: “قبل قرارات تجميد هذه الضرائب، أعلن الرئيس تبون عن إنشاء مجلس مراقبة لمتابعة مدى تنفيذ التعليمات والتوجيهات على أرض الواقع..”
ويتابع جمعة: “ما لاحظناه وحذرنا منه كخبراء، أثناء مناقشة قانون المالية لسنة 2022، أن الشق المتعلق بالضرائب يتناقض مع مساعي تحقيق الإنعاش الاقتصادي وتطوير اقتصاد البلاد برؤية علمية”، وأن “الرسوم الجمركية التي فرضت على أجهزة الإعلام الآلي وكل ما يتعلق بالمجال الرقمي، تكبح مساعي مواكبة التطور التكنولوجي”.
ووفق المتحدث إلى “الشعب أونلاين” يمكن للجزائر أن تلعب ورقة أسعار البترول من أجل الاستثمار كثيرا في تطوير الرقمنة وتعميمها في قطاعات عديد.
ويقترح “بدل فرض رسوم جمركية على هذه الأجهزة، يمكننا الاستفادة من فارق السعر المرجعي للبترول في قانون المالية مقارنة بالسعر الحالي، توجد حلولا كثيرة نحتاج فقط إلى رؤية مدروسة.. “.
في هذا الجانب، يشير المصدر إلى أهمية الاستثمار في مجال الرقمنة بالجزائر: ” مطلوب قانون مالية تكميلي يرفع كل الضرائب في قطاع أجهزة الإعلام الآلي وقطع الغيار، وفتح السوق لاستيراد هذه الأجهزة، فعندما نتحدث عن اقتصاد المعرفة، تطوير المؤسسات الناشئة وتعميم التعليم الرقمي في الأطوار التربوية الثلاثة، يجب التضحية برسوم جمركية”.
ولتحصين القدرة الشرائية للجزائريين، تحدث الخبير نبيل جمعة، على أهمية تنسيق الجهود بين دوائر وزارية وهيئات أمنية، لوضع حد لظاهرة تهريب المواد الغذائية عبر الحدود الجزائرية، مثلما أمر به الرئيس تبون، الذي وجه تعليمات لضبط استراتيجية مُحكمة للحدّ الفوري من تهريب المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك التي تكبّد السوق والاقتصاد الوطنيين خسائر كبيرة.
رؤية جديدة لتحصين القدرة الشرائية
من جانب آخر، قال الخبير الاقتصادي بلال عوالي، في تصريح لـ “الشعب أونلاين”، إن مخرجات مجلس الوزراء، “قرارات ايجابية جمدت العمل برسوم جمركية، ريثما يتم التخلي عنها أو تسويتها، في قانون المالية التكميلي”.
ويتحدث عوالي، بعد تجميد رسوم جمركية، عن “رؤية جديدة في النظام الجبائي تهدف إلى حماية القدرة الشرائية للجزائريين، خصوصا بعد ارتفع قيمة بعض المواد الأولية..”.
وفي الشق المتعلق بالتجارة الالكترونية، يرى المتحدث أن الرسوم الجمركية في قانون المالية 2022، قصد “تأطير هذا النوع من التجارة ومجابهة التهرب الضريبي، غير أنه لم يتم تحديد قيمتها في القانون بشكل دقيق”.
وقال المتحدث إن السوق الموازي المستفيد الكبير من التجارة الالكترونية في الجزائر عن طريق بطاقات “فيزا” لبنوك أجنبية، “لكن الرغبة في تأطيرها هذا السوق برسوم جد مرتفعة جاء مخالفا لطموحات كثير من المؤسسات الناشئة وشباب، رغم أن الرسوم تخص الأشخاص الذين لا يحوزون على سجلات تجارية”.
تأطير التجارة الالكترونية
وبرأي عوالي، هناك أنماط كثيرة ناجعة لتأطير التجارة الالكترونية في الجزائر، منها مراجعة النظام البنكي وإقرار تسهيلات ومرونة في المعاملات البنكية، والقضاء عن ممارسات بيروقراطية تنفّر الجزائريين على التعامل مع مؤسسات بنكية محلية.
وتابع عوالي: “في الغالب، تعاملات التجارة الالكترونية تستفيد منها بنوك أجنبية وليس السوق المحلي، لأن النظام المالي في الجزائر لا يواكب تطور التجارة الالكترونية وسهولة المعاملات”.
وعلى ضوء ما سبق ذكره، ينتظر حسب المصدر، تسوية الاختلالات المتعلقة بالرسوم الجمركية التي أعلن الرئيس تجميدها في قانون المالية التكميلية لسنة 2022، وايجاد حلول تُؤطر أنشطة التجارة الالكترونية بطرق معقولة.