يتردّد الحديث، عن عزم الرّئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استغلال انعقاد القمة الأوروبية الإفريقية، هذا الأسبوع، بباريس للإعلان عن الانسحاب النّهائي للقوات الفرنسية المنتشرة في مالي، فهل هي فعلا القطيعة بين فرنسا وباماكو، أم أنّ الأمر هو مجرّد ضغط وتهديد، ومناورة تسعى من خلالها باريس إلى إعادة تنظيم وجودها في منطقة الساحل بعدما دخلت دول أخرى على خطّ المنافسة؟
الحديث عن تخلي فرنسا عن أحد أهم معاقلها بإفريقيا، يراه البعض مجرّد بالون اختبار يريد من خلاله السياسيّون الفرنسيون الضغط على الطرف الآخر في مالي ليليّن مواقفه ويراجع حساباته، فحسب هؤلاء «فرنسا من دون إفريقيا ستكون جزءا من العالم الثالث»، كما قالها الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، لهذا لا يعتقد كثيرون بأنّ باريس ستتخلى عن هذه المنطقة وعن مصالحها فيها، لتكرّر سيناريو الانسحاب الأمريكي المذل من أفغانستان، خاصة بعد أن أمضت 9 سنوات في مالي، وبعد أن دفعت ثمنا باهظا بخسارتها لـ 53 عسكريا.
المراهنون على بقاء القوات الفرنسية في مالي، يستندون إلى تصريحات وزير الخارجية الفرنسي جان إيفل لودريان، الذي أكّد فيها أنّ بلاده ملتزمة بمواصلة حربها ضد الإرهاب في منطقة الساحل حتى بعد حادثة طرد سفيرها في باماكو، كما يستندون إلى إصرار باريس على مواجهة محاولات تحجيم نفوذها في القارة السمراء لفائدة قوى عالمية أخرى، ومن هذا المنطلق، يرجّح هؤلاء أن يكون الانسحاب العسكري الفرنسي، إن حصل، مجرّد إعادة تموقع وانتشار بشكل مختلف حتى لا يفهم على أنه هزيمة أخرى تمنى بها باريس نتيجة سياستها التي تتخلص في «نحن أو لا أحد».
لكن مقابل الذين يستبعدون انسحاب فرنسا من مالي ويقولون، أنه حتى وإن تمّ، فسيكون ظرفيا ولأجل الضغط على المجلس العسكري الحاكم في باماكو، هناك من يجزم بأن العلاقات المالية الفرنسية وصلت إلى نقطة اللاّعودة، ويؤكّد بأن درجة الإفلاس الدبلوماسي والإيديولوجي للسياسة الفرنسية في إفريقيا قد تدفعها بالفعل إلى سحب كلّ قواتها من مالي ونقلها إلى الدول المجاورة.
ويضيف هؤلاء بأنّ الوجود الفرنسي في مالي مع المجلس العسكري الذي يقوده أسيمي، ومع تنامي موجة العداء لباريس بات بالفعل مهدّدا، وقد يكون الانسحاب أفضل خيار لحفظ ماء الوجه، فهل ستقطع فرنسا أخيرا الحبل السرّي الذي يربطها بمالي وبعموم الساحل، أم أنّها ستقاوم المنافسة ومطالب الرحيل لتفرض نفسها على المنطقة لعهود أخرى؟
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق