يتجلى بوضوح أنّ التحدي القادم الموازي لإصلاح قواعد ونظم تسيير الدولة يتمثل في الانفتاح الواقعي والبرغماتي على العالم، والخروج من الأدبيات التقليدية في بناء علاقتنا بالخارج مع السير قدما ضمن محدّدات السياسة الخارجية الوطنية.
لقد أدرك دينج شياو بينج الذي درس في الجامعة البريطانية أنّ الإنفتاح على العالم وفق الخصائص الشيوعية الصينية مبدأ لامناص منه لبناء شراكات إقتصادية تثمر تحوّلا جذريا لتعظيم قدرات الصين، ففتح الأبواب المشرعة لكل ما يصبّ في مصلحة الصين، وأرسل منذ عام 1978 أزيد من 5 مليون طالب صيني للدراسة في جامعات الغرب إلى غاية يومنا هذا، وفق الإحصائيات الرسمية الصينية، رغم اندلاع ثورة ثقافية قبل ذلك بأزيد من عشر سنوات لتخوين كل من يشتبه به الميل عن مبادئ الماوية الشيوعية.
عندما تحدّث الباحثان في الاقتصاد السياسي دارون أسيموغلوا وجيمس روبنسون في كتابهما لماذا تفشل الأمم، أصول السلطة والازدهار والفقر، حاولا المقارنة بين الكوريتين بجزئها الشمالي الذي كان يحوي أهم المصانع ولايزال فقيرا والجنوبي الذي تجاوز إقتصاده عديد الدول الأوروبية، ومدينة نوغاليس في شمالها التابع لأريزونا الأمريكية، وشقها الجنوبي التابع لولاية سونورا المكسيكية، وبحث الكاتبان عن سرّ تخلف الجزء المكسيكي للمدينة وتقدم الجزء الأمريكي، رغم أنّ كلتا المدينتين يسكنهما سكان من ذوي الأصول الأوروبية، حيث بحثا الكاتبان عن سر التفاوت بين دول وأخرى في الدخل ونوعية الخدمات، وما هي القيود التي تمنع الدول الفقيرة من أن تتحوّل لدول غنية ومتطورة؟.
ويخلص الكاتبان إلى أنّ المؤسسات الجيّدة والمنفتحة على العالم التي تقع على رأسها المؤسسات الاقتصادية الشاملة التي تعمل في بيئة جاذبة وواقع مشجّع، هي الأقدر والأكفأ على تطوير الإقتصاد وتنمية الدولة.
إنّ الانفتاح الإستراتيجي المرن المحكوم بتوجيه برغماتي يعد بلا شك قاعدة هامة لبناء وتطوير الاقتصاد الوطني، ذلك أنّ العالم تحول بوسائل الرقمنة والتكنولوجيا إلى تركيبة كلية يجب أن نسعى للإستفادة من إيجابيتها لرفع مكانة بلادنا عاليا وتطوير قدراتها الإستراتيجية.
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق