قال متدخلون في ندوة حول” الوضع في مالي والساحل ودور الجزائر في استقرار المنطقة” إنه لا يمكن فصل ما يحدث في أوكرانيا، عما يحدث في منطقة الساحل، وأن الأمر يتعلق بمرحلة جديدة في النظام الدولي.
أكد المتدخلون في الندوة التي نظمها “مركز الشعب للدراسات والبحوث، فرقة الدراسات الأمنية والاستراتيجية”، أن النظامين المتمخضين عن نهاية الحرب العالمية الأولى، ثم نهاية الحرب الباردة، أقرا بقواعد الأقوى، ولم يسمحا للدول الضعيفة بالتطور وتنمية نفسها، سواء في ظل الثنائية القطبية، أو الأحادية بزعامة أمريكا.
حق روسي
قال السفير السابق والخبير الأممي أمير نور الدين أن التدخل الروسي في أوكرانيا، وعلى النقيض مما يروج له الإعلام الغربي، يرمي إلى حماية حدودها وأمنها القومي. إذ وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي واستقلال الجمهوريات السابقة، وعد الغرب بعدم التوسع شرقا، لكنه لم يتلزم.
وقال إنه من الضروري أن تشرع أطراف النزاع في أوكرانيا في مفاوضات لتفادي حرب قد تكون نووية.
تعتيم إعلامي
أكد مدير معهد الدراسات الاستراتيجية الشاملة اللواء المتقاعد عبد العزيز مجاهد، أن الامبريالية الإعلامية العالمية اخفت جزءا كبيرا من الحقيقة حول ما يحدث في أوكرانيا.
وأوضح في الندوة أن اتفاق “مينسك” 2014 تضمن 11 بندا، لم تطبق منه إلا ثلاثة بنود في صالح أوكرانيا، بينما ماطل الغرب في تطبيق 8 بنود معظمها في مصلحة روسيا.
وحاولت روسيا بكل الطرق الدبلوماسية والسلمية حث الغرب على الوفاء بالتزاماته خاصة ما تعلق بعدم تمدد الـ “ناتو” شرقا، وضم المزيد من جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقا.
وقال المتدخل إن عدم استجابة الغرب للمطلب القانوني الروسي، دفع روسيا إلى اتخاذ إجراءات رأتها مناسبة باللغة التي يفهمها الغرب. واستطرد قائلا “إن الغرب يعتمد استراتيجية إيجاد الأزمة وطرح الحل الذي يخدم مصالحة، حسب وصف نعوم تشومسكي في كتابه “10 استراتيجيات للتحكم في الشعوب”.
موقف الجزائر
أكد اللواء المتقاعد عبد العزيز مجاهد، إن الجزائر تتبنى موقف الاتحاد الأفريقي فيما خص النزاع بين روسيا وأوكرانيا. وموقفها مطابق لما ينص عليع القانون الدولي. وأضاف ان الجزائر لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول، كما لا تقبل التدخل في شؤونها
وأضاف أن ما يحدث هناك لن يؤثر على الجزائر بشكل مباشر، لا اقتصاديا، (لأنها تستفيد من ارتفاع أسعار البترول)، ولا عسكريا حيث تعمل على تطوير صناعتها العسكرية وتنويع شركائها فيما تعلق باستيراد السلاح.
الإرهاب في الاستراتيجية الفرنسية
قال مدير معهد الدراسات الاستراتيجية الشاملة، إن الإرهاب هو استراتيجية القوى الكبرى للتدخل، وقد استعملته فرنسا لتبرير العودة إلى أفريقيا. حيث عمدت عن طريق سفرائها على استقدام إرهابيين من ليبيا إلى مالي بعد اسقاط النظام هناك، منذ 2012.
وأضاف أن كل الهجومات الإرهابية التي حدثت في مالي كانت بإيعاز فرنسي. كما أن الاعلام الفرنسي أخفى حقيقة طلب مالي للتدخل.
وأكد أن ما كان مطلوبا من فرنسا هو تقديم مساعدة استخباراتية ومعلوماتية وكذا دعم جوي، وليس تواجدا عسكريا على الميدان.
لكن ما حدث هو أن هذه الأخيرة تلاعبت بالمضمون، بل وأصبحت هي من تقرر وتدعو دولا في حلف الأطلسي للتدخل في إطار عملياتها المختلفة.
انقلابات شعبية
ومن جهة أخرى، أكد مجاهد أن كل التدخلات العسكرية منذ الحرب العالمية الثانية إلى اليوم أثبتت فشلها، وهو ما يحدث فعلا مع فرنسا في مالي. حيث ثارت شعوب المنطقة في مالي والنيجر وبوركينافاسو، ودفعت جيوشها إلى الانقلاب على الأنظمة التي نصبتها فرنسا والعمل على تنصيب أنظمة وطنية.
ونتيجة هذه النزعة الوطنية، فرض عقوبات جائرة على مالي، في إطار مجموعة إيكواس، ويإيعاز فرنسي، من خلال غلق الحدود على مالي. وهو إجراء، قال اللواء مجاهد، مخالف للقانون الدولي الذي يمنع غلق الحدود على الدول التي ليس لها منفذ بحري ( دولة حبيسة).
“رصاصة رحمة”
وشبه مجاهد، ما يحدث لفرنسا في أفريقيا بإطلاق “رصاصة رحمة”. وقال:” إن الشعوب الأفريقية أطلقت على فرنسا رصاصة الرحمة. وأنهت الحلم الفرنسي القديم الذي قال عنه فيكتور هيغو نهاية القرن 19: الرب وهب أفريقيا لفرنسا”.
وقال إنه يجب تغيير النظرة لأفريقيا بما تستحقه، باعتبارها تتوسط العالم وتسيطر على أهم المضايق التي تمر منها التجارة الدولية. إضافة إلى الثروات التي تملكها، ما يمنحها مقومات القوة، وهو السبب نفسه الذي جعلها مصرح الصراع العالمي الحالي.
الكيان يعبث في الساحل
وفي السياق، قال أمير نور الدين، في تدخله، إنه لا يمكن فصل ما يحدث في منطقة الساحل عن العلاقات المغربية مع الكيان الاسرائيلي.
وأوضح أن التطبيع الرسمي بين المملكة المغربية والكيان الاسرائيلي، سمح بنقل حدود هذا الأخير إلى منطقة الساحل، وأصبح يراقب عن كثب ما يحدث ويتدخل هناك.
وقال إنه على الجزائر أن تستعيد قوة دبلوماسيتها التي كانت عليها سابقا، وتعمل رفقة دول الاتحاد الأفريقي على تمكين أفريقيا أن تصبح قوة عسكرية واقتصادية، خاصة وأن الجزائر تملك علاقات طيبة مع كل دول العالم، إلا الكيان الإسرائيلي والمغرب.