قفزت أسعار النفط بشكل قوي نحو مستويات جد عالية لم تكن متوّقعة، بينما أزمة الغاز باتت تخنق أوروبا، وصار العالم أمام معضلة طاقوية جدية، تواجهها اليوم الدول المستهلكة خاصة الأوروبية التي مازالت مذهولة من سرعة ارتفاع أسعار النفط إلى عتبة 120 دولار للبرميل منذ نهاية الأسبوع وكذا الغاز إلى مستويات لم تعهدها الأسواق منذ عام 2008، حتى دفع بالبعض إلى الاعتقاد أنه بالموازاة مع التوتر الأمني الروسي الأوكراني، يلوح بالقرب من ذلك معركة نفطية ستنشب بشكل مفاجئ عبر الأسواق العالمية في المرحلة الراهنة ولا يمكن لأحد التنبؤ بأبعادها ومتى ستنتهي؟. كما أن الأسعار الملتهبة ستتسبب في صدمة كبيرة للدورة الاقتصادية العالمية ولتكلفة الاستهلاك الطاقوي الباهظة.
قبل أشهر قليلة كانت «أوبك+» تتبنى خطوات التنسيق والتخطيط بحذر شديد حيال انتعاش الطلب وتخوّف من عثرات عودة قيود الغلق بسبب استمرار متحورات كورونا في الظهور، أما اليوم فان وضع «أوبك+» مختلف تماما بفعل تسارع الأحداث الجيواستراتجية التي غيرت بشكل جذري معادلة الأسواق النفطية بل وقلبتها رأسا على عقب. ومما ينبئ بمؤشرات غير سارة لأوروبا وبالمزيد من الصعوبات التي سيواجهها المستهلكون للطاقة، بالرغم من أن العقوبات الغربية مازالت لم تطل النفط الروسي، أن شركات نفط عالمية عملاقة من بينها «شل» و»بي.بي» كانت في السابق قد راهنت كثيرا وقبل الأزمة الأوكرانية على انخراط الاقتصاد الروسي في الاقتصاد العالمي ووسعت من استثماراتها في روسيا، غير أنها في خضم الأزمة الأوكرانية باتت هذه الشركات المستثمرة أمام تداعيات صعبة لا تحسد عليها بسبب العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا، حيث بدأت تنسحب باحتشام، عقب فصل سبعة بنوك روسية من نظام «سويفت»، كما فقدت كل الضمانات ويضاف لها أسباب لوجستية وارتفاع كلفة الشحن والنقل.
إن آثار العقوبات ستطال الجميع هكذا يردّد الخبراء والمستثمرون المطلعون على كل الخبايا الاقتصادية، لذا كل العالم يعيش في قلق مستمر لأن التعافي الاقتصادي كما يبدو مازال لم يعدّ في المتناول على الأقل على الامد القصير.
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق