ما زال التواصل الاجتماعي يخرج كلّ يوم بأعاجيب (يندى لها) الجبين، تؤكد بأن المسألة برمّتها لا تتجاوز الرّغبة في «الانتشار»، ولو على حساب ما تتعارف عليه الأمّة. فقد بلغ الحمق مبلغا أتاح لأحدهم القول، إن الجزائريين «يبالغون في بناء المساجد» وإن الذين يحرصون على «الصلاة جماعة» ليسوا سوى «فاشلين» يسارعون إلى الصلاة، عوضا عن «العمل».. والجميل أن صاحب التصريح إياه يلبس كلامه بنكهة علمية، حين يذهب إلى أنّه توصّل (بسْلامْتُو) إلى هذه المقولة بناء على «إحصائيات دقيقة»!!..
ولسنا نرى حاجة في مناقشة ما يصفه بـ»الإحصائيات»، فهذه سقمها واضح، لأنه لا يمكن أن يفرّق بين «النّجاح» و»الفشل» بمجرّد الملاحظة؛ ذلك أنّه يمكن أن يرى من يلبس اللباس المتواضع (إن اتّخذ من الملبس معيارا) وهو من أغنى الناس، وحتى إن غيّر المعايير، فإنّه – في كلّ الحالات – لا يمكن أن يتتبّع المصلين واحدا واحدا ليعرف مقدار نجاحهم، لأن «عمره الكريم» لا يتّسع للتوصل – منهجيّا – إلى هذه المقولة، ما يعني أن كلامه مجرّد تخريف، وأن منطقه هزيل لا يكاد يبين..
ما يهمّنا في المسألة، هو مقدار «الانزعاج» الذي يحسّ به بعضهم مع كل إعلان عن بناء مسجد، فيذهبون مذاهب شتى في التّجني على الناس، ويتقعّرون بالحديث عن الحاجة إلى بناء المستوصفات والمستشفيات والمدارس، ولا يدركون بأن الذين يعمُرون المساجد إنما يصرفون عليها من خاصة أموالهم، ولو صدق أصحاب الألسن الطّويلة لسارعوا إلى بناء مستوصفاتهم ومستشفياتهم، ولصرفوا عليها ممّا يكنزون، عوضا عن التّلهي بالنيل ممّن يعمرون المساجد، فهؤلاء صادقون مع أنفسهم، يرجون الفضيلة، بينما يكتفي «النّقاد الأشاوس» بالكلام الذي لا يضيف شيئا إلى المشهد العام..
الفرق واضح بين من يعمل وينجح، ومن يكتفي بالكلام والنيل من الناس، فهذا معيار يمكن أن نتوصل به إلى «إحصاء» الفاشلين، تماما مثل معيار «مستوى الحياء»..
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق