العدالة أساس كل إصلاح، لذلك تشكل محور خارطة طريق إرساء المؤسسات وتحيين التشريعات لتكتمل الأرضية الصلبة التي تحمل التطلعات والآمال المعبر عنها في أكثر من محطة وموعد.
مبادرة وزارة العدل بتنظيم تكوين للقضاة في الاتصال القضائي، من خلال التحكم في أدوات الاتصال وتقنيات التواصل مع المواطنين والشركاء عبر وسائل الإعلام والوسائط الحديثة، خطوة تدفع بالعجلة إلى الأمام من منظور عصرنة المرفق القضائي وإلقاء جسور أخرى باتجاه محيطه لتصل الرسالة سليمة ومباشرة إلى المرتفقين.
بالنظر لما علق بجهاز العدالة من عيوب ونقائص واختلالات، تراكمت على مدار سنوات مضت وأدى ذلك إلى الإساءة لمصداقية القضاء في الصميم، لأسباب متداخلة أحيانا ومنها فساد استشرى في زوايا الهيئات، كان دوما في صلب النقاشات على مختلف المستويات، بما فيها أهل بيت القضاء أنفسهم، وقد انعكس ذلك على جانب معتبر من الأداء، ما أفرز أيضا تذمرا أحيانا وسوء فهم أحيانا أخرى.
لذلك، يراهن على تكوين نوعي في الجانب الخاص بالاتصال، لتبديد الغموض واختصار المسافة وإزالة العوائق حتى تكون المعلومة دقيقة وواضحة لا تحمل تأويلا. فلا يعقل أن تبقى الهيئات القضائية مقرات صامتة، قلما تصدر بيانات أو تقدم توضيحا. في وقت يزداد الطلب الإعلامي على هذا المرفق لحساسية المهام المنوطة به وارتباطه مباشرة بحقوق وحريات المواطنين، التي يبقى جوهرها المعلومة.
وقد يكون هذا الانفتاح فرصة لتبرز كفاءات من سلك القضاء، يجيدون التواصل وتبليغ المعلومات للرأي العام بشكل أكثر نجاعة وجدوى، يتجاوز مجرد لقاءات ظرفية تتلى فيها تقارير جافة ومعدة سلفا لا تخضع للتمحيص والنقاش الراقي للرفع من درجة الإدراك والاطلاع لدى الرأي العام، الذي يتعرض في كل لحظة لهجمات عبر مختلف الوسائط التكنولوجية تحمل مغالطات يتم تسريبها من خلال معلومة غامضة أو تأخر نشرها من الجهات القضائية المختصة.
في زمن الانفتاح لم يعد ممكنا بقاء القضاء في مربع الطرف الصامت، إنما تقتضي قواعد التجديد والحوكمة الرشيدة للقضاء بأن يكون على اتصال دائم بكل أطراف المعادلة من متقاضين ودفاع وخبراء والأهم رأي عام محلي ووطني لتبليغ الرسالة على أتم وجه وهو ما يكون على عاتق أول دفعة للمكونين في الاتصال القضائي.