يتحدث أستاذ علوم الاقتصاد، عمر هارون، عن محاسن قرار الرئيس تبون القاضي بمنع تصدير مواد غذائية تستوردها الجزائر، مشيرا إلى أنه يستهدف ضمان الأمن الغذائي للشعب الجزائري الذي يعد أولوية، لا سيما أن الجزائر بسبب الوضع في شرق أوروبا ليست بحاجة للحصول على العملة الصعبة.
ويعتقد هارون في حوار مع “الشعب أونلاين”، أنه يتوجب على الجزائر التركيز على تطوير إنتاجها من السلع الضرورية خاصة ما تعلق بالقمح الصلب واللين والأعلاف والحليب لأنها من المواد التي تمكن للجزائر أن تضمن بها الاكتفاء الذاتي النسبي وهو ما سيحقق الأمن الغذائي، في المرحلة القادمة.
وقال المتحدث إن القدرة الشرائية للجزائريين في حالة تراجع، لضعف ضبط السوق وعدم وجود تنظيم محكم له يضاف إلى ذلك التأثير الكبير للاشاعة على النمط الاستهلاكي للمواطن الجزائري.
رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، يقرر منع تصدير المواد التي تسوردها الجزائر، ما هو تعليقكم؟
يأتي القرار في سياق دولي خاص، تميزه الحرب الروسية الأوكرانية والتي ألقت بظلالها على كل العالم نظرا لضبابية الوضعية التي يعيشها العالم في ظل هذه الحرب، وهو ما يجعل ضمان الأمن الغذائي للشعب الجزائري أولوية الأولويات، ورغم أن وزارة الفلاحة أكدت أن الجزائر تملك احتياطي كاف لنهاية السنة من المواد الغذائية، ومع ذلك فقد أكدت رويترز أن الجزائر اتفقت على اقتناx ما بين 600 و700 ألف طن من القمح اللين بسعر 485 دولار للطن.
إن هذه المعطيات وأخرى تؤكد أن الجزائر في هذه المرحلة ليست في حاجة الحصول على العملة الصعبة من خلال تصدير منتجات مصنعة أو نصف مصنعة في مجال الصناعات الغذائية لأن ارتفاع أسعار المحروقات سيغطي الأمر، بل نحن في حاجة إلى المحافظة على المخزون الخاص بالمواد الغذائية وتسييره بطريقة حكيمة خلال الأشهر القادمة في ظل الظروف الصعبة التي يعرفها العالم، وأظن أن قرار منع تصدير المواد التي تستوردها الجزائر كالسكر، القمح والحليب يماثل قرار اتخذته عديد الدول على غرار مصر والهند وغيرها في ظل تخوف من أزمة توريد للمواد الغذائية في حال طال عمر الأزمة.
هل هذا القرار يساهم في استقرار الأسعار؟
قرار رئيس الجمهورية بتحمل الفرق بين الأسعار الدولية والأسعار في السوق المحلية جعل الأمر محسوما، فالأسعار المطبقة في الجزائر تبقى نفسها مهما بلغت أسعار في البورصات العالمية على الأقل في المدى المتوسط، أما بالنسبة لفائض الانتاج التي تعودت المؤسسات تصديره للخارج فأظن أن الوقت مناسب لمراجعة الآليات المعتمدة في إنتاج المنتجات المصدرة.
فمن غير المعقول أن تصدر منتجات مادتها الأولية تم اقتناؤها بشكل مدعم على غرار القمح والسكر بأموال الخزينة، التي هي في الأصل أموال الشعب وتقوم مؤسسات بتصنيعها وتصديرها وتحقيق أرباح دون أن تستعيد الخزينة نسبة الدعم على الأقل، ومنه فالمرحلة الحالية تتطلب من هذه المؤسسات تقليل نسبة الإنتاج بما يكفي السوق المحلية والمحافظة على النسب التي كانت تصدر لتسويقها في السوق المحلية بشكل دوري مادامت الأزمة الروسية الأوكرانية مستمرة.
هل هنالك أمور أخرى يتوجب معالجتها؟
على الجزائر في المرحلة القادمة التركيز على تطوير إنتاجها من السلع الضرورية خاصة مع تعلق بالقمح الصلب واللين والاعلاف والحليب، لأنها من المواد التي يمكن للجزائر أن تضمن بها الاكتفاء الذاتي النسبي وهو ما سيحقق الأمن الغذائي خاصة أن التجارب أكدت أن العالم أصبح شرسا ولا يرحم الضعيف وما مر به العالم في جائحة “كورونا” ليس ببعيد، ومنه فان تسطير استراتيجية وطنية في المجال تشمل تطوير مجال السدود المائية الموجهة للفلاحة واعطاء الدعم والتحفيز للفلاحين السبيل الأمثل والأنجح للمحافظة على الاستقلالية الحقيقة مكملة لتلك المرتبطة بعدم وجود مديونية على الدولة الجزائرية.
توقعاتكم بخصوص القدرة الشرائية على المدى المتوسط؟
حاليا القدرة الشرائية في حالة تراجع حاد نظرا لضعف ضبط السوق وعدم وجود تنظيم محكم له يضاف إلى ذلك التأثير الكبير للإشاعة على النمط الاستهلاكي للمواطن الجزائري، فمثلا لو كان هناك ضبط للسوق خاصة في مجال السلع المدعمة فإن عائلة من 5 أفراد تستهلك كيس حليب و10 أرغفة خبز يوميا كمثال ستكون قيمتها 100 دينار يوما أي 3000 دينار شهريا بحكم أن سعر الرخيف 7.5 دينار وسعر الحليب 25 دينار للكيس.
لكن عدم توفر المنتج المدعم بشكل كاف واضطرار المواطن لشراء الخبز بـ15 دج للرغيف وعلبة الحليب بـ135 دج علبة/ لتر يجعلانه يدفع 285 يوميا اي سيدفع خلال شهر للحليب والخبز 8550 دج شهريا أي أن الفارق سيكون 5550 دج وهي نسبة الدعم الذي إن حصل عليه المواطن يجعله قادرا على تحسين قدرته الشرائية بشكل ملحوظ وهو ما يجعلنا نؤكد أن ضبط سوق السلع المدعمة خاصة واسعة الاستهلاك منها كفيل بتحسين القدرة الشرائية وخلق توازن وإن حصل ارتفاع في السلع الأخرى على غرار الخضر والفواكه.