تثير الأزمة الروسية – الأوكرانية تساؤلات وهواجس متعددة، حتى وإن كانت تختلف بين دولة وأخرى من حيث الطريقة والدور، إلا أنها تتقاطع ولو إلى حد بسيط، مع ما كانت تثيره الجائحة الصحية المرتبطة بفيروس كورنا، في بدايتها.
طبعا، الفوارق كبيرة جدا بين الأزمتين، فالأخيرة سوّق لها على أنها معركة تخوضها البشرية جمعاء من أجل الحياة، بينما الأولى ترتبط بالمواقف والأدوار والنفوذ وإعادة صياغة نظام عالمي جديد.
لكن الهواجس المشتركة تخص ما يطلق عليه «سلاسل الإمداد»، وتعني أمن الغذاء وأمن الطاقة، وارتفاع الأسعار والتضخم.
والارتباك الحاصل هذه الأيام، في الأسواق الدولية، ليس جديدا، بل هو فصل جديد للظرف الاقتصادي القاسي الذي فرضته جائحة كورونا. والظهور المتثاقل للمؤشرات الاقتصادية الإيجابية، لا يعمّر طويلا وسرعان ما ينهار مع كل متحور جديد، ليبرز واقع آخر يفرض على كثير من الدول يقظة استراتيجية خاصة.
من بين هذه الدول، الجزائر، التي استطاعت تحصيل رصيد محترم في مقاومة الصدمة المزدوجة الناجمة عن انخفاض أسعار النفط ثم فيروس كوفيد-19، وهي، بدون شك، تكون قد رسمت خطة استباقية جديدة تتكيف مع هذه التحولات.
لقد كانت افتتاحية مجلة الجيش في عددها الأخير، واضحة، عندما قالت بأننا مقبلون على فترة من التاريخ لا تشبه ما سبق من سنوات، وهي بادرة على استيعاب واستباق التطورات المتسارعة، لتبقى درجة التكيف مع الوضع واتخاذ أفضل المواقع، بما يؤكد التقدير الجيد للوضع، واستغلال كل ما يعزز المصالح الوطنية، ولا يحتاج الأمر إضاعة الوقت أو الجهد في شرح أو تحديد الموقف.
إن القراءة السليمة تفيد بأن معركة موارد وحرب ندرة في المواد، وإخراج كل طرف لما يملك من أوراق، تجعل من حسن التدبير الاستراتيجي، مسألة في غاية الحيوية، في ظرف خاص أعاد تأكيد معايير القوة والغلبة.