يتصاعد الحديث حول «آلية الاستيراد» كلّما هلّت البشائر برمضان المبارك، ولقد تعوّدنا منذ منتصف الثمانينيات، على «ندرة» المواد الغذائية الأساسية.
فقد ظلّت أسعار هذه المواد تطرح دائما نفسها موضوعا مهمّا؛ ذلك أنّ الأجور ترتفع كي تساوي الغذاء، فلا تلبث أسعار الغذاء طويلا، ثمّ ترتفع كي «تسخر» من الأجور، وتتكرّر نفس الحكاية، ويتخلّلها – في كل مرة – اللّجوء إلى الحديث عن «آلية الاستيراد»، وهو ما يتحقّق بطبيعة الحال، فنستورد ما نتوسّم أنه يحدث إشباعا في السّوق الوطنية، ويرغم الأسعار على التناسب مع الأجور..وهذا من ناحية نظرية، منطقي جدا، فحين نهجم بأطنان من البطاطا – مثلا – على السّوق، ينزل السعر رغما عن أنوف الذي يرفعونه..
السّؤال الآن..هل ينفع استيراد البطاطا في إحداث بعض التوازن، ومساعدة المغبونين الجزائريّين على تجاوز مأساة الأجرة في مقابل الغذاء؟!
انطلاقا من تجاربنا السّابقة، نقدّر أن الاستيراد لن يفيد غير المستوردين، وقد تمتدّ فائدته إلى عدد من التّجار الصغار الذين يعرفون كيف يتسلّلون بين كبار المضاربين، إلا أن السّوق لن تنصاع إلاّ لـ «الارتفاع»، بحكم أنّه أصبح لازمة ضرورية للمعاملات اليومية منذ بدأ الحديث عن «الليبرالية» التي تنتظم وفق «العقلية الاشتراكية»، وظلّت الحال على حالها، لم تنفع معها زيادات الأجور، ولا «تهاوي البورصات»، وما زلنا على حالنا نترقّب أيّ زيادة ظرفية في أوروبا، كي تصبح زيادة مؤبدّة عندنا، فقد استوردنا الكبش الأسترالي، والسمكة البرازيلية، و(الأندومي) المصري، دون أن يتغيّر شيء منذ أوّل أزمة مواد غذائية عشناها في الثمانينيات..
قد يكون واضحا أن حلّ مشكلة السوق الجزائرية لا يمكن أن توفّره الحلول الظّرفية، ولا المناسبات التي تقتضي أفكارا استعجالية، فالوفرة لا يمكن أن تتحقّق إلا بـ «الإنتاج»، وهذا هو المعطّل الوحيد عندنا.