أثار موقف مدريد حول قضية الصحراء الغربية، المعلن عنه من قبل رئيس الحكومة الإسباني بيدرو سانشيز، ردود فعل ساخطة داخل اسبانيا من طرف أحزاب سياسية ومنظمات وجمعيات، وصفت الخطوة بـ “الفضيحة السياسية” و”انقلابا على الشرعية الدولية”..
خلفيات وتوقيت “الانحراف الخطير” في موقف مدريد يطرح تساؤلات كثيرة، خاصة أن اسبانيا، وفقا لتصريح أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور ادريس عطية لـ “الشعب أونلاين”، تتحمل مسؤولية تاريخية وقانونية إزاء النزاع القائم منذ لقاء مدريد سنة 1975، وتقسيم المنطقة دون وجه حق.
ويعتقد عطية أن اسبانيا دخلت في صفقات سياسية مع المغرب من أجل دعم أطروحة ما يسمى بـ “الحكم الذاتي” المزعوم على حساب الشعب الصحراوي، وأضاف: “خلفيات القرار تعود إلى أن اغلب الدول الغربية ليست صادقة في مواقفها، وتحركها لعبة مصالح تتجلى في تبني مواقف متباينة”.
معـايير مفضوحـة..
يقول عطية إن ازدواجية المعايير باتت ظاهرة ومفضوحة، مستدلا بما يحدث حاليا في أوروبا حيال روسيا أو الحرب في أوكرانيا، والازدواجية أيضا في التمييز بين اللاجئين من أوكرانيا.
وبشأن تأثير موقف مدريد على تنشيط العملية السلمية من قبل الأمم المتحدة في الصحراء الغربية، أكد المتحدث:” خطوة اسبانيا لن تؤثر المساعي الأممية، وتأتي لتمرير موقف معين، ولا ننسى أن المغرب قدم خدمات جليلة للكيان الصهيوني”.
كما يربط عطية الخرجة المفاجئة لرئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، بتنازلات سياسية ودبلوماسية يقوم بها المغرب لصالح دول غربية:” تاريخيا، المغرب ظل خادما لإستراتيجيات غربية، ويقوم دائما بأدوار تتعلق بالمناولة الدبلوماسية.”
ويعود أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، ليؤكد أن:” القرار الاسباني لن يؤثر على القضية الصحراوية.. هناك بعثة كاملة للمينورسو تقوم بمهامها لصالح هذا الشعب الذي عان الأمرين في قرن واحد”.
وتابع قوله:” الاعتراف الأمريكي الذي ارتبط باعتراف المغرب بالكيان الصهيوني وتطبيعه بشكل مباشر لم يؤثر على القضية الصحراوية، ناهيك عن ما يمسى بمهزلة فتح قنصليات لعدد من الدول في مدينة العيون المحتلة، وهو ما يزيد الصحراويون صمودا”.
بالمقابل، تؤشر “جيوبوليتكا” المنطقة – حسب عطية – إلى تحركات جديدة لصالح القضية مع ضرورة تحميل الأمم المتحدة مسؤوليتها الكاملة إزاء دول تتلاعب بالقانون الدولي ولا تحترم مبادئ حقوق الإنسان وعلى رأسها حق تقرير المصير.
تـحرك اليسـار..
وحول المواقف المتباينة إزاء قضية الصحراء الغربية، قال عطية إن الطرف الاسباني يلعب أوراقا كثيرة، ويضيف: ” أن السلطات الاسبانية رفضت مطالبة الرباط بسبتة ومليلية عند محاولتها ابتزاز مدريد بملف الهجرة، واليوم تحاول اسبانيا دعم أطروحة الحكم الذاتي المزعومة وتسويقها على أنها مقاربة بديلة عن حق تقرير المصير.”
وفي إجابته عن سؤال يخص الانعكاسات الداخلية للانحراف الخطير للحكومة الاسبانية، يشير عطية إلى أن اسبانيا سوف تشهد تحركات كثيرة من طرف أحزاب يسار راديكالية تتبنى مواقف مهمة مرتبطة بدول الجنوب، وتدرك – هذه التشكيلات السياسية- أن اسبانيا والغرب عليهما تبني استراتيجيات متوازنة مع دول الجنوب على عكس اليمين الذي يتبنى نزعات ضيقة جدا، قد تضر بمصالح بعض الدول الأوروبية.
وأضاف المتحدث:” الموقف في الداخل الاسباني يدرك جيدا أن قضية الصحراء الغربية يجب أن تأخذ مسارها السليم، لأن اسبانيا تستضيف عدد معتبر من الصحراويين المتواجدين في اغلب القطاعات، والكثير من المجتمع الاسباني يدعم الشعب الصحراوي في قضيته.. ”
وعن خطوة الجزائر التي استدعت سفيرها من مدريد للتشاور، قال عطية: ” استدعاء السفير بروتوكول تؤطره الاعراف الديبلوماسية، بهدف التشاور جراء قرارات مدريد غير المحسوبة، وبالتالي مواقف الجزائر واضحة خاصة ما تعلق بقضايا عادلة تخص حق الشعوب في تقرير المصير”.
وقررت الجزائر استدعاء سفيرها بمدريد من أجل التشاور، بأثر فوري، عقب تصريحات صدرت عن أعلى السلطات الاسبانية تشكل “تحولا مفاجئا” في موقفها بخصوص ملف الصحراء الغربية.
وأوضح بيان وزارة الشؤون الخارجية ان “السلطات الجزائرية التي اندهشت من التصريحات التي صدرت عن أعلى السلطات الاسبانية بخصوص ملف الصحراء الغربية وتفاجأت بهذا التحول المفاجئ لموقف القوة المديرة السابقة للصحراء الغربية، قد قررت استدعاء سفيرها بمدريد للتشاور بأثر فوري”.