ما زال الشّعب الصّحراوي يؤكّد للعالم شجاعته وقوة صموده، وتشبّثه بخيار تحرير أرضه عبر كافة السبل المتاحة دبلوماسيا وعسكريا، إلى غاية تقرير مصيره، الحق الذي أقرّته الأمم المتحدة، ولن يتنازل عنه قيد أنملة، ولن يتأثّر بمواقف متغيّرة لأي دولة تمّت مساومتها، بعد أن تتحوّل بشكل فجائي إلى النّقيض، متجاهلة بأنانية وظلم حقوق الشّعوب المضطهدة، بعد دعمها الصّارخ للاحتلال المشين، حيث تعلم جيدا أنّها داست على الشرعية الدولية، وضربت بعبث القوانين التي تنص عليها الأمم المتحدة عرض الحائط، بل إن الشعب الصحراوي لن يأبه بتلك الدّسائس المبيتة والمخطّطات اللّئيمة التي حيكت لسرقة أرضه، لأنّهما في مسار افتكاك استقلاله، وفرض سيادته على كامل الصّحراء الغربية.
إسبانيا التي انقلبت بالاتجاه الذي يعاكس الحقيقة، ارتكبت خطأ تاريخيا فادحا، وفوق ذلك أصبحت مصداقيتها على المحك، فلن تجني من المواقف التي تشجع سياسة الكيل بمكيالين للمحتلين، سوى عدم الثقة والاستهجان ليس من طرف الشعب الصحراوي وحده بل من قبل جميع الدول الحرة التي تناهض الاحتلال، لأن هذه الدول الحرة تتمتّع بالمصداقية والثبات والتوازن في علاقاتها الدولية والإقليمية، ويكفي أن الأمم المتحدة تحرّكت ووجّهت صفعة لإسبانيا والمغرب على حد سواء. وحسب ما نقلته تقارير إعلامية إسبانية، فإنّ الأمم المتحدة لم تلتزم الصّمت حيال الخطوة الغريبة التي أقدمت عليها مدريد، حيث رفضت إعلان حكومة إسبانيا بعد دعمها لخطّة «الحكم الذاتي» المغربية كحل للنزاع حول الصحراء الغربية، علما أنّ المتحدّث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، طلب من جميع الأطراف ضرورة مواصلة «الالتزام الكامل» بالعملية السياسية تحت إشراف الأمم المتحدة بهدف إنهاء النّزاع القائم منذ خروج الاستعمار الإسباني من الصّحراء الغربية.
لن يقبل الشّعب الصّحراوي بغير الاستقلال، الذي سيتجسد عبر طريق واضح وإجراء أقرته الأمم المتحدة، أي تقرير المصير الذي يزعج الطامعين والمتآمرين، ويكفي الشعب الصحراوي أنّ جميع المنظمات وعشرات الدول تسانده على غرار الاتحاد الأفريقي، وفوق ذلك كل من محكمة العدل الدولية ومحكمة العدل الأوروبية والعديد من الدول الأوروبية ومن القارتين الأمريكية والأسيوية والمنظمات الإقليمية والقارية لا يعترفون، بأي سيادة للمغرب على الصحراء الغربية، بل بالعكس يتذكّرون جيدا أنّ المغرب جلس إلى طاولة حوار واحدة مع جبهة البوليساريو الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصّحراوي، وهذا يعد في حد ذاته اعترافا بأنّ الصّحراء الغربية مستعمرة، ولن تتوقف عن السير في طريق الحرية، فلماذا يتضايق المغرب ومعه إسبانيا من حق تقرير المصير، الذي يمر عبر الاستفتاء الشعب إذا كانتا محقّتين؟