ناقش نواب ومختصون وأساتذة جامعيون، قانون الجماعات المحلية وسبل تمكين المنتخبين المحليين من أجل تجسيد نمط تسيير محلي جديد يستجيب لأهداف السياسات العمومية في إدارة الشأن المحلي.
خلصت أشغال اليوم البرلماني حول قانون الجماعات المحلية، إلى تبني حزمة من التوصيات، منها ما يخص تمكين المنتخبين وتوسيع هامش الصلاحيات في إتخاذ القرار .
توصيات..
وأفضى النقاش ومداخلات المشاركين، في اليوم البرلماني الموسوم بعنوان: قانون الجماعات المحلية.. نحو تمكين أكبر للمنتخبين”، إلى تدوين 21 توصية تتعلق بجوانب عديدة في تسيير الشأن المحلي وتفعيل مقاربة جديدة لتحقيق الأهداف التنموية المسطرة.
إضافة إلى توسيع صلاحيات المنتخب المحلي وتوسيع هامش المبادرة في إتخاذ القرار وتجسيد المشاريع، تضمنت التوصيات ضرورة اعتماد آليات لتثمين تنوع مختلف مناطق الوطن.
ومن بين التوصيات أيضا، تخصيص نسبة من مجموع الضرائب الموجهة لخزينة الدولة لفائدة البلديات، وفتح مجالات الاستثمار أمام المجالس الشعبية البلدية.
وحضر اليوم البرلماني، أمس الأربعاء، رئيس المجلس الشعبي الوطني ابراهيم بوغالي، وعدد من رؤساء المجموعات البرلمانية إلى جانب عدد من المدعوين وأصحاب الاختصاص.
وكان بوغالي قد أكد في كلمة أنه: “حان الوقت لتعديل قانون البلدية والولاية وفق مقاربة علمية تضفي مزيدا من الشفافية في تسيير الشأن المحلي، مبرزا أن البلدية الخلية الأساسية في بناء الدولة وتحقيق التنمية”.
وخلال افتتاح الأشغال، أكد رئيس المجموعة البرلمانية لحركة مجتمع السلم أحمد صادوق، في كلمة، أن الحديث عن التنمية الوطنية الشاملة والمستدامة يقتضي مراعاة الأبعاد الخصوصية للإقليم المحلي من جهة، وتطلعات المواطنين من جهة أخرى، مع توكيل الإدارة المحلية وهيئاتها المنتخبة بتدبير الشأن المحلي وتمكينها من حيث الحماية والصلاحيات بقوة القانون.
صناعة السياسات العامة
من جانبه، تحدث عميد كلية العلوم السياسية بجامعة الجزائر سليمان أعراج، في تصريح لـ “الشعب أونلاين”، عن أهمية اشراك الجماعات المحلية في صناعة السياسات العامة، قصد بلوغ الأهداف التنموية المسطرة في برامج الدولة استجابة لاحتياجات المجتمع المحلي.
وقال اعراج، إن تعديل قانون الجماعات المحلية ينطلق من محور أساسي وهو اشراك المنتخبين المحليين في صناع السياسات العامة للدولة، من أجل بلوغ فهم مشترك للأهداف المسطرة، والوصول إلى “تطابق وانسجام في الرؤى بين من يصنع السياسة العامة للدولة ومن ينفذها”
توزيع الجباية المحلية
تجسيد مقاربة جديدة في تسيير الشأن المحلي وتمكين المنتخبين المحليين لتحقيق الأهداف المرجوة يقتضي – حسب أعراج – اعادة النظر في بعض القوانين، على رأسها قانون الجباية المحلية وخارطة توزيعها، في اشارة إلى أهمية الموارد المالية في تسيير الشأن المحلي.
في هذا الشق، يتحدث أعراج عن اعادة النظر في قانون الجباية المحلية انطلاقا من إعادة ضبط التقسيم الاداري، بهدف استحداث جماعات محلية قادرة على تجسيد الأهداف التنموية، وأضاف قائلا:” على الأقل في المدى المتوسط لتحقيق الأهداف المرجوة من برامج وسياسات الدولة استجابة لإحتياحات المجتمع المحلي.”
الموازنة بين الصلاحيات والامكانيات
بدوره، ركز الدكتور رمضان تيسمبال، في مداخلة، على اشكالية الموازنة بين الإمكانيات والصلاحيات الممنوحة للجماعات المحلية:” اختصاصات البلدية جد واسعة غير أن الصلاحيات محددة.. مثلا رئيس البلدية عضو فقط في لجنة السكن”.
وأبرز تيسمبال ضرورة البحث عن موارد مالية جديدة لتسيير الجماعات المحلية، وقال في هذا السياق:” أغلب الموارد المالية عبارة عن اعانات، أما الموارد الأخرى مثل الجباية فهي ضعيفة”.
تجدر الإشارة إلى أنه تعكف لجنة مختصةمكلفة بتعديل قانون البلدية والولاية، على إثراء الإطار القانوني الذي يحكم تسيير المرفق البلدي والولائي وصلاحيات المنتخبين المحليين.
ويتضمن عمل اللجنة التي نصبها الوزير الأول أيمن عبد الرحمان أكتوبر 2021 (مكونة من وزراء، ولاة، ونواب بغرفتي البرلمان ومديرين مركزيين في الوزارات) تتضمن خمس ورشات عمل.
تدرس هذه الورشات محاور بشأن تنويع الموارد المالية وتحسين التنمية المحلية، وتحريك جوانب إقتصادية، غائبة في تسيير الشأن المحلي، من خلال رؤية جديدة تعتمد تعزيز صلاحيات المنتخبين المحليين ورفع التجريم عن فعل التسيير.
نحو تغييرات جذرية
ويحظى اصلاح قانون الجماعات المحلية بأولوية لدى السلطات العليا في البلاد، اذ أكد الرئيس تبون، عشية اجراء الانتخابات المحلية الماضية، أنه سيكون هناك “تغيير جذري في قانون تسيير البلديات”، و ضرورة “مراجعة مثل هذه القوانين وإعطاء صلاحيات أوسع للمنتخبين”.
ونوه رئيس الجمهورية أن “الصلاحيات بدون إمكانيات لن يكون لها معنى”، مشيرا إلى “ضرورة إعطاء الامكانيات اللازمة للمنتخبين”، وهو ما يتطلب -مثلما قال- “مراجعة قانون الضرائب”.