يثير عدد من صنّاع المشهد الثّقافي مسألة «الجوائز الأدبية»، ويتناولونها وفق توجّهات مختلفة تتراوح بين «الاعتراف» و»الاتهام»، فيقرّ «المعترف» لصاحب الجائزة ويحتفي به، بينما يذهب «المتّهِم» إلى تخريجات عجائبية، أو قراءات في نوايا مؤسسي الجوائز ولجانها والمشاركين بمسابقاتها، ولقد تعوّدنا على اصطناع (هوشة) مع الإعلان عن كلّ جائزة كبيرة، وقد تبلغ هذه (الهوشة) درجة لا تطاق من الحدّة، لأنّها – غالبا – تطرح للنقاش شيئا من التخمينات، وشيئا من «الأحكام المسبقة».
ولقد مرّ بنا في الصالون الدّولي للكتاب، هذا العام، من يرى أنّ (الكتّاب العرب يركّزون – في أعمالهم – على الجوائز، عوضا عن التّركيز على المحتوى)، ولا نعرف إن كان يقصد «التركيز» على إرضاء لجان المسابقات، أم الحرص على جعل العمل متّسقا مع الخط الأيديولوجي العام لـ»الجائزة»، تماما مثلما لا نعرف لماذا يحيل إلى «المحتوى» الذي ينبغي أن يركّز عليه الكتّاب، فهذا يعني صراحة أنّ الأعمال المجازة ليست بالجودة التي ينبغي أن تكون عليها، وأنّ «العملية» (كلّها على بعضها) ليست سوى تسويق لا يخدم الكتابة ولا الثقافة عموما، مع أنّ الأعمال التي تفوز بالجوائز يمكن أن تكون أفضل ما تمّ ترشيحه، ما ينتهي بنا إلى ضرورة الاعتراف بأن لا لوم مستحقا على «الجائزة» في هذا.
ونعتقد أنّ موضوع الجوائز أخذ مساحة واسعة من النّقاش حتى بلغ درجة الثرثرة، وهو في مجمله لا يتحرّك إلاّ في سياق الأنانيّات الصغيرة، وتسويغات «الأفضلية»، وهذا جهد لا ثمرة له، وطاقة مهدرة على ما لا نفع فيه، وأولى بمن يتنشقون روائح الأيديولوجيات من الجوائز، أن يطلقوا جوائز غير مؤدلجة، عوضا عن تضييع الوقت في كلام لا ينفع، وأولى بهم كذلك أن يقدّموا الجودة، عوضا عن «التركيز» على اتهام الفائزين الذين ثبت فوزهم وتحقّق..
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق