يعرض كتاب جديد للمفكر العربي محمد عابد الجابري تحت عنوان: «التاريخ والمؤرخون في المغرب المعاصر: دراسة نقدية على ضوء المفهوم الخلدوني للتاريخ والتأريخ» بجناح دار النشر المصرية رؤية، في معرض الجزائر الدولي للكتاب.
ترك المفكّر «محمد عابد الجابري» بعد وفاته مؤلفا ضمن دراسات أخرى تحت عنوان: «التاريخ والمؤرّخون في المغرب المعاصر: دراسة نقدية على ضوء المفهوم الخلدوني للتاريخ والتأريخ»، ولم تنشر محتوياته من قبل وهو على قيد الحياة، وصدر عن دار النشر المصرية في 2021»، ويعرض حاليا في معرض الجزائر الدولي للكتاب، وهو نص راجعه وقدّمه وأعدّه للنشر الباحث خالد طحطح.
وتعد هذه الدراسة للكاتب محمد عابد الجابري مهمة في التأريخ للمسار العلمي والأكاديمي للمفكر العربي محمد عابد الجابري، ويؤكد الباحث خالد طحطح على أنّ إصراره لنشر هذه الدراسة مبكرا ينسجم مع تقليد بات مألوفا في الغرب والشرق، بخصوص نشر مجموع الأعمال التي كتبها مفكرون وفلاسفة وأدباء وغيرهم قيد حياتهم، فظلت مخطوطة ولم يكتب لها أن تنشر لسبب ما. و»إنّ هذا النص قد يصلح موضوعا لكتابة جديدة عن مسار الأستاذ الباحث محمد عابد الجابري، إذ يسلّط الضوء على عدة جوانب منه، انطلاقا من زوايا قد تكون غير معروفة بما فيه الكفاية، نعني بها علاقة هذا المفكر بالتاريخ وبالمؤرخين».
ويشير مقدم كتاب محمد عابد الجابري، أن الباحث يقف بعد اطلاعه على هذا الكتاب على مدى الوعي التاريخي المبكر لدى الجابري، وانفتاحه على مجالات معرفية مختلفة في التاريخ والتحليل النفسي، ويستشعر علاقته الحميمة القديمة بابن خلدون.
وفي نفس السياق، يؤكّد خالد طحطح أن بحث الجابري غير المنشور بعنوان: «التاريخ والمؤرخون في المغرب المعاصر دراسة نقدية على ضوء المفهوم الخلدوني للتاريخ والتأريخ»، يمثل الانطلاقة الفعلية لعلاقة الجابري بإبن خلدون، وهو رسالة ناقشها المفكر محمد عابد الجابري سنة 1967.
وتعد الرسالة امتدادا مباشرا للمقالات الثلاث التي نشرها تحت عنوان: «أزمة الاشتراكية في البلدان المتخلفة» بمجلة أقلام عام 1966، ثم أطروحته التي قدمها لنيل شهادة الدكتوراه عن العمران البشري عند ابن خلدون، موصلا بذلك عن أزمة الاشتراكية في البلدان المتخلفة، والتي طرح فيها إشكالية «أسلوب أو نمط الإنتاج «في التاريخ العربي الإسلامي». وتوصّل في أطروحته إلى أن الأمر يتعلق بحضارة استهلاكية غير منتجة، وأنها أقيمت على أساس اقتصادي واه، وأسلوب في الإنتاج غير طبيعي، قائم على الغزو. ويرى الباحث خالد طحطح أن الجابري قد عدّد مظاهر الاختلاف بينه وبين ما أسماه كارل ماركس «النمط الأسيوي للإنتاج «، حيث توصل إلى أن السلطة عند صاحب المقدمة ليست نتيجة للسيطرة الاقتصادية، بل إن السيطرة الاقتصادية هي التي تنتج عن السلطة، أي عن قوة العصبية.
ويقول خالد طحطح: «ومن ثم خلص إلى القول بشطط وتعسف التأويل الذي جعل من ابن خلدون رائدا من رواد المادية التاريخية (ردا على إيف لاكوست الذي كان قد أصدر كتاب ابن خلدون: ميلاد التاريخ، ماضي العالم الثالث، وصدر عن منشورات ماسبيرو).
ويعتقد الباحث خالد طحطح أنه لا تحليلات ابن خلدون ولا ظروف عصره الاجتماعية والاقتصادية، ولا منطق التفكير السائد آنذاك ، لا شيء من ذلك يسمح بهذا الاستنتاج.
ويؤكّد خالد طحطح على أنّ بحث الجابري انتهى إلى أطروحة مهمة متعلقة بمفهوم: «الاقتصاد القائم على الغزو»، وقد اعترف له بهذا، لاحقا، عربيا ودوليا، وطوّر هذا المفهوم في أعماله اللاحقة، وتوجه في كتابه عن العقل السياسي العربي الذي تجاوز فيه ـ ديالكتيكيا ـ معالم نظرية خلدونية في التاريخ الإسلامي إلى تقديم تفسير متمم لهذا التاريخ، من خلال محددات العقل السياسي الذي اجترح فيه مفهومه الخاص عن اقتصاد الريع» القائم على محددات ثلاث: القبيلة، الغنيمة، العقيدة، وواصل الجابري رحلته الفكرية في «العقل السياسي» عام 1990، ثم في «العقل الأخلاقي العربي» الصادر عام 2001.
ويعد كتاب محمد عابد الجابري: «التاريخ والمؤرخون في المغرب المعاصر» جزء من ذاكرته الفكرية «اتجه في بدايته إلى التاريخ وذلك بسبب سطوة المقدمة وتاريخ ابن خلدون عليه، وتأثره بفلسفته التاريخية علم العمران».
تناول محمد عابد الجابري في دراسته مفهوم التاريخ ومهمة المؤرخ، الاجتماع الإنساني والحادثة التاريخية، التاريخ ومهمة المؤرخ، الأبحاث والدراسات الأجنبية، المؤلفات التقليدية وعبقرية ابن خلدون..