الرقم الثابت

من تحدّ إلى آخر، تتخطى الجزائر ما يعترضها من مصاعب محلية وإقليمية بنفس الروح والعزيمة، لا تقايض المبادئ الإنسانية وقواعد الشرعية الدولية، ليبقى صوتها جهورا لا تخشى في الحق لومة لائم.
لذلك لا غرابة أن تكون محطة في مسار زيارة كبار مسؤولي الدول على غرار قدوم انطوني بلينكن الذي حظي باستقبال من الرئيس تبون وأجرى حوارا مع وزير خارجيتنا لعمامرة.
ويدرك الضيف أنّ الجزائر كانت وتبقى الرقم الثابت في معادلة الاستقرار وطرفا محوريا في بناء شراكات متوازنة وعادلة، قاطرتها الحوار المفتوح ضمن قيم ومعالم الأمم المتحدة، التي تبنّتها منذ زمن طويل وكرّستها إبان ثورة التحرير المجيدة. وانطلاقا من ذلك يحتفظ سجلها الدبلوماسي الحافل بإنجازات بشأن أزمات تخصّ أمريكا بالذات، فيما يتعلق بملف الرهائن الأمريكان بطهران، بفضل وساطة نوعية يفتقدها عالم اليوم.
إنّ الحوار الجزائري الأمريكي ليس من فراغ، إنّما له مرجعية ضاربة في عمق العلاقات بين البلدين في شتى المجالات، خاصة الاقتصادية منها التي تفتح أمامها آفاق واسعة كما أظهرته زيارات لرؤساء مؤسسات ومتعاملين أمريكيين تكون لديهم قناعة وفقا للأصداء بأنّ الجزائر تمثل بوصلة الاستثمار الحقيقي ضمن مشاريع ذات جدوى بمعايير تقاسم الأعباء والمنافع.
وتندرج الخيارات الاقتصادية للجزائر ضمن التوجّهات الكبرى للنمو أبرزها كسر التبعية للمحروقات، من خلال اعتماد العلوم والتكنولوجيا قوامها مناخ تنافسي للاستثمار والأعمال موارد بشرية ذات كفاءة مشهود لها قلما يعثر عليها في وجهات إقليمية أخرى، مؤشر يعرف الشركاء مدى ثقله في ميزان الاستثمار المنتج للثروة والقابل للمنافسة عبر قيمته المضافة.
لذلك كانت الخيارات ثابتة، قلبها النابض القرار الوطني المستقل، النابع من إرادة الشعب الجزائري الحريص على وطنه ومكتسباته المنجزة بتضحيات الأجيال المتعاقبة، بوصلتهم شهداء الحرية والاستقلال، عنوان يعرف قيمته القاصي والداني.
لقد واجهت الجزائر عبر الزمن مصاعب، وقدّمت المثل الفريد في معالجتها بإرادة شعبها على غرار آفة الإرهاب قبل أن يكتوي بها العالم الذي تجاهل ذلك الخطر الداهم ليستفيق متأخرا على حقائق واجهتها الجزائر، التي تبقى الشريك الفعال والموثوق في معادلة الأمن الإقليمي ضمن قواعد القانون الدولي.