تحرص عائلات مستغانمية على الحفاظ على عادات وتقاليد أصيلة ومتجدرة خاصة مع استقبال الشهر الفضيل، مما يضفي حركية وحيوية بالشوارع والأسواق والمحلا.ت.
وتعبر هذه العادات والتقاليد التي تقاوم الزوال وتزاحم العصر بشكل واضح عن تمسك العائلات بمستغانم على أنواع معينة من المأكولات والمشروبات التقليدية التي يتم تحضيرها خصيصا لهذه المناسبة الدينية.
تحضيرات على قدم وساق قبل حلول الضيف الكريم
تستعد النساء لاستقبال شهر رمضان الكريم بما يعرف “بالتشعبينة” حيث يقمن بتنظيف المنزل بغسل الجدران وإعادة طلائها إذا لزم الأمر وتهيئة كل اللوازم لاستقبال الضيف الفضيل، وتقصد البنات المتزوجات بيوت أهاليهم لزيارتهم ومساعدة الوالدة في تنظيف البيت.
كما تحرص النساء أيام قليلة قبل دخول شهر رمضان على شراء مستلزمات غذائة أهمها التوابل وأواني جديدة، وهي عادة تشترك فيها العائلات الجزائرية على اختلاف مناطقها.
وتقول خالتي نصيرة لـ “الشعب”: ” من عاداتنا شراء الصحون والأواني الجديدة لاستعمالها في الشهر الفضيل، وتنظيف البيوت كأننا نتجهز لعرس أو ضيف عزيز”، فالعادة تقتضي أن يستقبل الضيف الكريم كل سنة بأواني منزلية جديدة.
وتضيف خالتي نصيرة ” كما نقوم بتحضير بعض العجائن التقليدية التي تميز موائد الإفطار كالمقطفة وهي نوع من الشربة التقليدية”، بحيث تجتهد أنامل النسوة في تحضيرها قبيل رمضان بأيام.
أطباق تقليدية تقاوم الزوال وتنافس الأطباق العصرية
تحرص العائلات المستغانمية في اليوم الأول من الشهر الفضيل على تحضير طبق “الطاجين الحلو” وذلك تفاؤلا به وبنية أن تحلو باقي أيامه حيث تقول خالتي جميلة ” لابد أن يكون في الطاولة أول يوم من رمضان حتى يأتي الشهر حلوا”. إلى جانب تحضير طبق “شربة المقطفة” سيدة المائدة الرمضانية دون منازع والتي يتم تحضيرها قبل شهر رمضان. فيما تفضل بعض العائلات تحضير طبق “الحريرة” إلى جانب ما يعرف بـ “الطبق المالح” والمتمثل عادة في “طاجين زيتون” أو “المثوم” …إضافة إلى خبز الدار.
فيما برزت مؤخرا عادة جديدة على المائدة الرمضانية المستغانمية وانتشرت بين العائلات بسرعة، وهي طبق “الكرنتيكا” وفي هذا الصدد تقول السيدة نصيرة ” أنه ليس من عادتنا تحضير طبق الكرنتيكا في شهر رمضان وهي عادة جديدة لم تكن من قبل”.
أما بالنسبة للسحور تقول خالتي نصيرة ” أنه طيلة 30 يوم نقوم بتحضير “طعام المسفوف” بالزبيب والبيض واللبن، حيث يعد من الوجبات الأساسية التي تقدم في السحور.
كما تحافظ العائلات المستغانمية على عادات وتقاليد خاصة بصوم أبنائها لأول المرة، حيث تلبس البنت الشدة المستغانمية والولد اللباس التقليدي كما يتم وضع خاتم من ذهب في كأس الحليب كما تقول خالتي جميلة “حتى يصبغ في قلبه الصيام”.
إلى جانب الأطباق التقليدية دأبت تعد المرأة بعض المشروبات التقليدية التي تقدم عند الإفطار أو السحور وهي مقاومة للعطش والجوع من بينها “المحمضة” و”الشاربات”.
ويتم تحضير مشروب “المحمضة” حسب خالتي “منصورية” من مجموعة من الأعشاب والتوابل يتم تجفيفها ثم طحنها وهي عبارة عن مكونات من الحلبة والنوخة والسكنجبير والزعتر والكروية والكمون وتضاف إليها الروينة، حيث توضع معلقة من كل مكون في لتر من الماء وتترك في الثلاجة لتبرد وتقدم مع الفطور أو السحور.
لكنيوشك مشروب “المحمضة” على الاختفاء من الموائد الرمضانية للعائلات المستغانمية، تضيف خالتي “منصورية”.
أما بالنسبة لـ “الشاربات”، فلا تزال تحافظ على مكانتها خلال الشهر الفضيل إما بتحضيره في البيت أو اقتنائه من المحلات.
رمضان بين الماضي والحاضر ….مائدة واحدة
للحياة المعاصرة ضريبتها على الفرد والمجتمع، فتغير نمطها فرض الكثير من الجوانب الإيجابية والسلبية. وما بين رمضان اليوم ورمضان الأمس الكثير من أوجه الشبه والاختلاف، فهناك عادات وتقاليد كثيرة في الشهر الكريم، منها ما استمر حتى الآن، ومنها ما اندثر.
تقول “خالتي نصيرة” انه يوجد اختلاف كبير وفرق شاسع بين رمضان زمان ورمضان الحالي الذي لا ذوق ولا رائحة له -حسبها-حيث كان الجيران عائلة واحدة يتبادلون الأطباق وخبز الدار، “كما كن يعكفن فيالسهرة على تحضير “المقطفة” كل يوم في بيت جارة من الجارات حتى نهاية الشهر الفضيل”. وبالنسبة للأطباق العصرية التي باتت تزاحم الأطباق التقليدية تقول “خالتي نصيرة” “ولم يكن هذا “الشكيل” (تعني أمر تافهة لا قيمة له) من المأكولات العصرية والمقبلات”.
وبالرغم من اندثار بعض التقاليد التي كن يحرصن عليها تشير “خالتي منصورية” إلى أنه بالرغم من تنوع وتعدد الأطباق العصرية التي أصبحت تقدمها العائلات على مائدتها الرمضانية إلا أنها لم تستطع زحزحة بعض الأطباق العريقة المتربعة على عرش مائدة الإفطار الرمضاني بمختلف أنحاء الولاية.
العشر الأواخر من الشهر الفضيل
تشير “خالتي جميلة” إلى عادة شراء اللباس الجديد حيث تقبل العائلات بعد صلاة التراويح في العشر الأواخر من رمضان على المحلات والمراكز التجارية لاقتناء ملابس العيد للكبار والصغار لاستقباله في أحلى وأبهى حلة، إلى جانب شراء مستلزمات حلويات العيد على غرار “الكعك و الطورنو والمصيبحات والقريوشة والمقروط..”
كما تحرص الأسر في ليلة القدر المباركة على تحضير طبق “التريد” بالمرق الأبيض والحمص والدجاج وهو يشبه طبق “الشخشوخة” إضافة إلى وضع القطران في الأرجل لكل أفرد العائلة لطرد الشياطين -على حد اعتقادهم- إضافة إلى تبخير الدار بالجاوي.
الكعك و المسمن على مائدة العيد
وفي صبيحة العيد تضيف “خالتي نصيرة”، يذهب الرجال إلى المساجد لأداء صلاة العيد، فيما تحضر النساء المسمن، أما على مائدة الفطور يتم تحضير طبق “القوارط” أو “الطعام بالمعمر” وهو نوع من الكسكسي يضاف إليه اللحم المفروم، أوغيرها من الأطباق التقليدية.