لا شكّ أن هناك من يحاول توتير الوضع في تونس والزجّ بهذه الدولة التي قادت التغيير العربي قبل عشر سنوات، في متاهة التجاذبات والانقسام لغرض واضح وهو إفشال مسارها السياسي والاقتصادي.
الرئيس التونسي قيس سعيد وضع الأصبع على الجرح، وقالها صراحة «هناك أطراف لجأت إلى الاستقواء على تونس بالدول الأجنبية والتخطيط لمغامرة تفتيت الدولة». والأمر هكذا يبدو، فمنذ سنة أو أكثر وتونس تواجه أزمة سياسية خطيرة ألقت بظلالها الداكنة على جميع مناحي الحياة الاقتصادية كما الاجتماعية، وقد استغلت شخصيات عدّة مناصبها لتصعيد هذه الأزمة، ما جعل البلاد في مواجهة انسداد سياسي خطير عطّل عمل مؤسسات الدولة ما دفع بالرئيس الى التدخل من خلال فرض اجراءات واصدار قرارات لإنقاذ البلاد وإعادة النظر في نظام الحكم الذي ظهرت عليه بعض الإختلالات الواجب تصحيحها.
ما من شكّ أن الوضع في تونس خطير، وقد تجلى حجم الخطر مع مرّد أعضاء البرلمان المجمّد على قرارات الرئيس بتعليق الهيئة التشريعية، حيث عقدوا نهاية الأسبوع الماضي جلسة افتراضية وقرّروا إلغاء الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها سعيّد في الصيف الماضي وهي خطوة اعتبرها الرئيس محاولة انقلاب على الدولة وتآمرا على أمنها ومؤسساتها، وإجراء غير قانوني يعرّض أصحابه لعقوبات سالبة للحريّة نتيجة تهديد السلم الداخلي والاعتداء على أمن الدولة واستقرارها.
الرئيس التونسي، وحرصا منه على حماية السلم الاجتماعي ومنع أي شرخ يهدّد الوحدة الوطنية
وقرارات الدولة السيادية، وقف بحزم ضدّ «البرلمانيين المتمردين» وأعلن حلّ مجلس الشعب، وهو قرار حظي بتأييد كبير وسط الشعب التونسي الذي خرج الى شارع الحبيب بورقيبة للتعبير عن دعمه لاجراءات سعيّد، وللمطالبة بعدم زجّ البلاد في أزمة سياسية تجهض النجاحات التي تحققت في مجال الانتقال الديمقراطي.
وحتى الاتحاد العام التونسي للشغل رحّب بحلّ البرلمان، واعتبرها فرصة لاستعادة الثقة وطمأنة الشعب من أجل تصحيح المسار.
كما حسم الرئيس التونسي أمر الانتخابات التشريعية، وعارض إجراءها في الثلاثة أشهر المقبلة ملتزما بالموعد الذي أقرّه سابقا، إذ سبق وأعلن أنه سيشكل لجنة لإعادة صياغة الدستور ليتمّ طرحه في استفتاء في جويلية المقبل، ثم سيجري انتخابات برلمانية في ديسمبر لإعادة هيكلة النظام.
تونس تقطع منعرجا صعبا، والمرور بسلام إلى الهدف المنشود وتجاوز الأزمة السياسية، يتطلّب تعاون الجميع والعمل سويّة على معالجة كل الاختلالات وتخطي كل الخلافات، والثقة كبيرة في مقدرة تونس على أن تكون مرّة أخرى نموذجا بعد أن تتجاوز أزمتها بالحوار والحكمة وتغليب المصلحة الوطنية.
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق