يبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مصرّ على جعل أوروبا تندم على اللحظة التي قرّرت فيها فرض عقوبات على بلاده بإيعاز من أمريكا، حيث أعلن خلال توقيع مرسوم عن تجارة الغاز مع الدول التي وصفها بأنها «غير الصديقة»، أنه سيتم إيقاف العقود الحالية لشراء الغاز الروسي في حال رفض الدفع بالروبل.
و قال «على الدول الغربية فتح حسابات في البنوك الروسية لتتمكن من شراء الغاز من روسيا»، مشيرا إلى أن القواعد الجديدة لبيع الغاز الروسي إلى «الدول غير الصديقة» ستدخل حيز التنفيذ في الفاتح أفريل.
وأضاف بوتين، أن تصدير الغاز بالروبل سيعزز الاقتصاد الروسي ويحرره من التأثير الخارجي»، ما يعني أن حبل العقوبات سيلتف حول رقبة الدول الأوروبية التي بدأت تعاني من ارتدادات العقوبات التي هندستها أمريكا و أجبرت حلفاءها على تنفيذها في ما يشبه الخديعة، لأن الولايات المتّحدة هي أصغر مستفيد من الغاز الروسي بـ13 ألف برميل، بينما الاتحاد الأوروبي يعتبر الغاز الروسي شريان اقتصاده، وقطع هذا الشريان يعني الجحيم.
روسيا قرّرت أن تصمد في وجه الحرب الاقتصادية التي أُعلنت ضدها، بل وهي تصرّ على تحوّيل خسائرها إلى مكاسب، ومن هنا كان قرار اعتماد الدفع بالروبل والذي من شأنه أن يكسر احتكار الدولار والأورو للتعاملات المالية الدولية.
استخدام الروبل الذي يحدث ارتباكا كبيرا لدى الدول الأوروبية، سيضع حدا لعقود طويلة بقي فيها الدولار العملة المعتمَدة في تبادل النفط على المستوى العالمي، وقد تفتح خطوة موسكو شهية دول أخرى لتحذو حذوها وتنهي حقبة ربط النفط بالدولار. وبالفعل بدأ الحديث عن استعداد بعض المصدرين لتسديد ثمن النفط باليوان الصيني.
الاتحاد الأوروبي هو الأكثر تضرراً من القرار الروسي، وهو غير قادر على اتّخاذ موقف مستقلّ ومنفرِد في ما يتعلق بتمنّعه عن فرض العقوبات على روسيا، ليجد نفسه في وضع صعب بين حاجته الماسة للغاز، واضطراره لدفع ثمنه بالروبل، وأمام هذه المستجدات، يعيش العالم أطوار حرب اقتصادية تزيد من تأجيج الحرب الأوكرانية وتلقي بظلالها الداكنة على العالم أجمع.
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق