تشكل الديون بالنسبة للعديد من الدول أزمة، لا تقل تأثيرا وضرراعن وباء كورونا أو انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية، بفعل ارتفاع أسعار المواد الأولية والأغذية وغلاء تكلفة شحن البضائع وما إلى غير ذلك، بالنظر إلى التداعيات السلبية على نمو إقتصادها ويتعلق الأمر على وجه الخصوص بالدول النامية. قبل الجائحة كانت دول بالقارة السمراء تكافح من أجل سداد ديون لا تقل قيمتها عن 583 مليار دولار، ما دفعها إلى السير نحو رحلة البحث عن التنويع في مصادر إئتمان وقروض قد تخفف من ثقل معاناتها وتفتح لها أفق التجاوز التدريجي للديون الخانقة للتطور الاقتصادي والاجتماعي.
الديون هاجس وحاجز يجهض مشاريع الإقلاع الاقتصادي ويؤجل خطوات التنمية، والواقع الراهن بات يفرض بجدية إصلاحات هيكلية والمزيد من الشفافية في الإنفاق وتمويل المشاريع للتخلص من عبء المديونية الذي من شأنه أن يقلص من ميزانية الرعاية الصحية والتعليم وكل ما تعلق بالجانب الاجتماعي، لأنّ هذه التحديات تضع الشعوب في مأزق كبير، ويضاف إلى كل ذلك ما باتت تخلفه الحرب الروسية الأوكرانية على أسواق الأغذية، لأنّ كلفة الغذاء تسجل ارتفاعا قياسيا غير مسبوق، ويتطلب الأمر رصد أموال أكبر للتموين بالمواد الاستهلاكية الأساسية خاصة بالنسبة للقارة السمراء التي يطاردها الفقر والجوع والإرهاب.
بالنظر إلى أرقام البنك الدولي يتضح أنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تشهد أزيد من سنة تراكما محسوسا في أرصدة الديون الخارجية بنسبة تزيد عن 7 بالمائة، في وقت وصل الدين العام العالمي، سقف 296 تريليون دولار أيّ سجل ارتفاعا في الدين العام العالمي بـ 36 تريليون، مقارنة بما كان قبل تفشي الوباء. لذلك إنّ فاتورة تسديد الديون ثقلت ومن شأنها أن ترجئ طموحات التنمية الاقتصادية، لهذا ينبغي على كل دولة أن تحدد خطتها لمواجهة ضغط الديون، عبر نجاعة أوسع وأداء أكثر متانة خاصة ما تعلق بسلامة التخطيط ودقة الاستشراف.