يبدو أنّ عوامل الاستقرار بدأت تفرض نفسها على الأسواق بعد التّخلص من الدّهشة الأولى للقاء رمضان المبارك، فقد تعوّدنا مع كلّ رمضان على ارتفاع مذهل في الأسعار، إلى درجة الواحد من الناس يحسّ بأنّه أحيط به، ثم لا تلبث الحال سوى اليوم واليومين، حتى تقدّم السوق وجها مختلفا تماما، يكون مذهلا جدّا بالنسبة لفوارق الأسعار العريضة.
والحق أنّ ارتفاع الأسعار لا يعود إلى عامل العرض والطلب بالضرورة، فالمعروض عادة يكون في أسواقنا كافيا، وهو يفي الطلب حتى وإن ارتفعت الحركة قليلا، وشهدت الأسواق زحمة تبدو غير عادية في أوقات بعينها، ونعتقد أنّ «العرض» يبقى كافيا حتى حين يتضاعف الطلب مرات ومرات، وحتى حين يضاعف الزبائن من طلباتهم، ويبالغون في شراء ما لا يحتاجون أصلا، وهذه في الغالب حالات نسمّيها في لغتنا (التّرمضينة)، وهي لوثة تصيب بعض الصائمين الذين يقبلون على الشراء بشراهة كبيرة، ثم لا يستهلكون ممّا اشتروه سوى شيء قليل، لتكون وجهة الباقي – مع الأسف – المفرغات..
وليس من الصيام في شيء أن يقبل الناس على شراء ما لا يحتاجون، فالصائم تكفيه شربة ماء ومضغة خبز، كي يتجاوز صبر يوم كامل، ويستعيد عافيته شاكرا لله أنعمه، وعلى هذا لا نجد حجّة لمن يشتري العشرين خبزة وهو لا يقدر على أكل أكثر من نصف خبزة، تماما مثلما لا حجّة لمن ينوّع في المأكولات، ويعدّد في أشكالها، مع أنّه لا يلمس بعد الأذان سوى نوع واحد أو بعضه، وهذا مفسد للصيام في ذاته، فليس يعقل أن يصوم الإنسان، وذهنه مركّز تمام التركيز على الأكل وحده، وواجب كل واحد منّا يقتضي أن يحافظ على صومه..
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق