تعوّدنا من الأعمال الفنية على فتح المجال لنقاشات غاية في الأهمية، كثيرا ما تكون فرصا لتجاوز مغالطات معينة، أو استعادة مفاهيم يكون قد اعتراها الانحراف، ما يستدعي ضرورة مراجعتها كي يستعيد سلّم القيم العام تراتبيته المعقولة وينسجم مع واقع المجتمع وطموحاته.
ويبدو أن أعمالا فنيّة كثيرة – على اختلاف مستوياتها – اشتغلت هذا العام على مفاهيم غاية في الدّقة، ونتوسم منها أن تقدّم ثمراتها للمجتمعات العربية في عمومها مع هلال العيد المقبل. ولدينا – على سبيل المثال – المسلسل الجزائري «بابور اللّوح» الذي يضع للدّرس عقدة تكاد تكون عالمية وهو يفكّك مأساة «الهجرة غير الشّرعية»، ويحاول أن يقدّم وجهة نظر نتوسم أن تكون مفيدة في تحليل الواقع، وهو ما نتوسمه كذلك من المسلسل المصري «فاتن أمل حربي» الذي يضع على طاولة التشريح فكرة «الحضانة»، ويحاول أن يسائل أسبابها وأساليب تطبيقها إن كانت فعلا توافق من في الشرع، أم أنّها انصاعت لعدد من البراديغمات، وانحرفت عن غايتها التي كان ينبغي أن تخدم الإنسان، فصارت عبئا عليه..
في كلّ حال، لا يمكن تقييم مدى إحكام الخطاب في الأعمال الفنية الآن، إذ ما تزال أمامها أشواط كثيرة كي تلقي بأفكارها كاملة، وتفسح المجال لنقاش لا نرجو منه سوى أن يكون أرضية من أجل تصحيح عدد من المغالطات تسرّبت بوعي أو دون وعي إلى حياتنا، حتى صرنا نتّخذ المواقف الصارمة ممّا هو طبيعي متّسق مع الحياة، ونتساهل مع ما هو مضادّ لطبيعة الإنسان وفطرته وأصل خلقته، ما جعل حياتنا صعبة للغاية، دون أن ننتبه إلى أسباب صعوبتها التي اصطنعناها لها بأيدينا، ووقعنا في أسرها، ولم نعد نقدر على التفكير خارج الصندوق، وهذا التفكير هو بالضبط ما يقدر عليه العمل الفنّي..
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق