ترتسم معالم شراكة استراتيجية واسعة بين الجزائر وإيطاليا تتعدى المجال الطاقوي وإن كان قاطرتها في الأمد المتوسط، لتشمل قطاعات أخرى ذات قيمة مضافة تعود بالمنفعة على البلدين.
تقاطع في أكثر من ملف أو جانب يكرس تعزيز التقارب بين الجزائر وروما، في وقت تنسج في المنطقة المتوسطية تحالفات إقليمية، بعضها يحمل خلفيات استعمار جديد، على غرار التقارب الإسباني – المغربي، بعد أن أدارت مدريد ظهرها للشرعية الدولية بشأن القضية الصحراوية متنكرة لمواقف مبدئية سابقة.
حوض المتوسط الذي يحتاج إلى تعزيز الشراكة حول مشاريع اقتصادية عابرة للبحر تقلص من الفوارق بين الضفتين وتعزز مكاسب عشريات من الاستثمار والمبادلات التجارية، يحتاج إلى مثل هذا التقارب المفتوح على المبادرة والشراكة الإنتاجية، ضمن احترام متبادل يشمل كل الجوانب، بما فيها الثقافية والتاريخية وأساسا السيادة الوطنية للبلدين.
هذا التقارب المتكوّن من محتوى ملموس ليس وليد مرحلة أو ظرف معيّن، إنما له جذور في ماضي العلاقات بين الجزائر وايطاليا منذ سنوات ثورة التحرير.
أكثر من هذا، تعتبر إيطاليا ذات ميول للجنوب أكثر من الشمال ضمن الفضاء الأوروبي، وآخر مؤشراته لما تركت لوحدها في مواجهة وباء كورونا، حينها تأكدت روما أن الخلاص من العزلة وجهته الجنوب وبالذات الجزائر.
في أدبيات الموقف السياسي الإيطالي هناك أثر لمواقف تقدمية، أبرزها مناهضة الاستعمار خاصة في إفريقيا، حيث جرى ولا يزال امتصاص قوت الشعوب ونهب ثرواتها، كما هو في الصحراء الغربية، التي تبقى قضيتها معلقة في لجنة تصفية الاستعمار للأمم المتحدة وسط تنكر البعض، على غرار اسبانيا، وتآمر البعض من قوى نافذة في الساحة العالمية.
إن التقارب السياسي والتنسيق الدبلوماسي بين قطبين يتوسطان شمال المتوسط وجنوبه، من شأنه أن يدفع بعجلة الاستثمار في شتى القطاعات وفقا لاحتياجات كل طرف ضمن رؤية بعيدة الأمد توفر المناخ الملائم لرجال الأعمال ورؤساء المؤسسات والجامعات لنسج شراكة واسعة النطاق تستوعب التطلعات المتبادلة لسوقي البلدين في الصناعة التحويلية والفلاحة والأدوية والصيد البحري والسياحة والتبادل الثقافي وغيرها من قضايا التنمية المستدامة مثل الاقتصاد البيئي.
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق