يتحدث عضو بالمجلس الإسلامي الأعلى، مكلف بملف المالية الإسلامية، محمد بوجلال، في حوار خص به “الشعب الاقتصادي”، عن منجزات شباك الصيرفة الإسلامية، والصعوبات التي تعترضها، بعد بانقضاء عامين على سن بنك الجزائر للقانون، المحدد لشروط ممارستها، حيث يتنافس 11 بنكا على تسويق منتجات بنكية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، بعد حصولها على شهادة المطابقة الشرعية التي تصدرها الهيئة الشرعية الوطنية للإفتاء للصناعة المالية الإسلامية التابعة للمجلس الإسلامي الأعلى.
– قطعت الصيرفة الإسلامية أشواطا منذ اعتمادها في الجزائر كيف تقيّمون ما أنجز حتى الآن؟
فعلا حققت عملية توطين الصيرفة الإسلامية في الجزائر قفزة نوعية، منذ جلسة العمل التي جمعت ممثلين عن بنك الجزائر وممثلين عن المجلس الإسلامي الأعلى في 17 فيفري 2020، الجلسة التي انبثق عنها صدور نظام بنك الجزائر في 15 مارس 2020، والذي ساهم المجلس في إعداده مع إطارات بنك الجزائر الذين أبدوا كفاءة وإرادة تشرف الوظيفة التي أوكلت لهم، وأوّد بهذه المناسبة أن أنوّه بالدور الحاسم للسيد المحافظ آنذاك، الوزير الأول الحالي، الأستاذ أيمن بن عبد الرحمن الذي دخل تاريخ توطين هذه الصناعة التي طالما نادى بها المواطن والمستثمر الجزائري. ولا بد كذلك أن أشير إلى بصمة السيد رئيس الجمهورية الذي وعد في حملته الانتخابية سنة 2019 بتشجيع الصيرفة الإسلامية ووفى بوعده وهو مشكور على ذلك.
أما ما أُنْجِزَ منذ افتتاح أول شباك للصيرفة الإسلامية، يوم 4 أوت، بالبنك الوطني الجزائري والذي أشرف عليه السيد الوزير الأول آنذاك البروفيسور عبد العزيز جراد برفقة السيد المستشار الاقتصادي لرئيس الجمهورية والسيد وزير المالية آنذاك -دليلا على الإرادة السياسية لدعم مشروع التوطين للمساهمة في التنمية الوطنية-، أقول ما أنجز يتلخص في تمكين 11 بنكا من تسويق منتجات بنكية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، بعد حصولها على شهادة المطابقة الشرعية، التي تصدرها الهيئة الشرعية الوطنية للإفتاء للصناعة المالية الإسلامية التابعة للمجلس الإسلامي الأعلى بصفته مؤسسة دستورية مرجعية مخولة بإبداء الحكم الشرعي فيما يعرض عليها. ومن هذه البنوك من قام بفتح شبابيك إسلامية ستة (06) بنوك عمومية وثلاثة (03) بنوك خاصة (بنك الخليج الجزائر وبنك المؤسسة المصرفية العربية وبنك الإسكان) والبنكين المعروفين بنك البركة الجزائري، المعتمد سنة 1991، ومصرف السلام المعتمد سنة 1988.
– ما هي المعوّقات التي تعترض طريق المنظومة المالية الإسلامية في الجزائر؟
لا يمكن في رأيي الحديث عن معوقات طالما أن الإرادة السياسية متوفرة والحمد لله، وأفضل الحديث عن صعوبات ذات صبغة قانونية وأخرى ذات صبغة تنظيمية وأخرى ذات صبغة تقنية حيث أن بعض البنوك تجد صعوبات في تطويع نظام المعلومات لديها لتصميم وإدخال المنتجات الإسلامية، والسبب في ذلك أن بنوكنا تستعمل أنظمة معلومات متنوعة ومختلفة عن بعضها البعض، وهذا ما يعكر الانسياب السلس في عرض المنتجات على الزبائن المدخرين والمستثمرين، على حد سواء.
أما الصعوبات القانونية فتتمثل في تعديل بعض القوانين والنصوص لتمكين المواطن من الاستفادة مثلا بدعم الدولة في شراء شقة أو منزل أو اقتناء سكنات لا تتوفر على مستند ملكية. وقد قمنا بالمجلس الإسلامي الأعلى بتقديم مقترحات في هذا الشأن وإن شاء الله سنرى ثمرات هذا الجهد في قادم الأيام وسيفرح الجزائريون بتعميم الدعم مع إمكانية شراء منزل بالصيغ الإسلامية كالمرابحة أو الإجارة المنتهية بالتمليك.
وأما العوائق التنظيمية فتتمثل في المقاربات المختلفة بين البنوك في تكييف الهيكل التنظيمي بما يسمح بإدماج الشباك الإسلامي داخل هياكل البنك، وبما يسمح باحتضان ذلك الجسم الجديد وإيجاد الموارد البشرية المناسبة له. من هنا تبرز أهمية التكوين والتدريب للعنصر البشري، وهذه ورشة أخرى تحتاج إلى مجهود إضافي يجب الاعتناء بها على الوجه الأكمل.
– كيف ترى المنافسة بين البنوك؟
التجربة جديدة والمنافسة لم تظهر آثارها بعد، لكن هنالك بعض المؤشرات تدل على أن اقتحام البنوك العمومية مجال الصيرفة الإسلامية سيدفع بهوامش الربح نحو الانخفاض، وهذا يصب بالطبع في صالح المواطن والمستثمر.
– هل تنجح خطة الحكومة في استقطاب أموال القطاع الموازي إلى البنوك باعتماد الصيرفة الإسلامية؟
نأمل ذلك، احتكاكي بالبنوك يجعلني متفائلا بإمكانية الصيرفة الإسلامية في تعبئة جزءا ولو يسيرا من أموال القطاع الموازي. ولكن لن يتسنى للصيرفة الإسلامية أن تساهم مساهمة فعّالة في إدخال أموال القطاع الموازي، إلا بعد توفير الشروط الموضوعية المناسبة لنشاط البنوك الإسلامية. بعض البنوك لم تتمكن بعد من عرض منتجات لمكافأة المدخرات التي تختار الشباك الإسلامي، وهذا الأمر لا يشجع المواطن على إيداع أمواله في غياب مكافأة مناسبة مقارنة بما تدفعه الحسابات التي تتعامل بالفائدة الربوية.
كذلك محدودية منتجات التمويل للمؤسسات من شأنه أن يعرقل عملية تشجيع الاستثمارات والإقبال على الصيرفة الإسلامية. ولذلك نحن نسعى مع المؤسسات الوصية على إيجاد حلولا مناسبة لهكذا عقبات، ومن هذه الحلول تعديل بعض القوانين لتمكين الصيرفة الإسلامية من أداء دورها المرتقب في المساهمة في النهوض بالاقتصاد الوطني، لأن المال هو عصب الحياة، ولا حياة لأمة لا تسعى لإيجاد نظام مالي يستجيب لتطلعات المواطن مدخرا كان أو مستثمرا.