في ظرف أسابيع معدودة سقط أربعة عشر قتيلاً، وعدد كبير من الجرحى الإسرائيليين جراء سلسلة عمليات وقعت داخل أراضي 1948، وعلى رأسها العملية التي شهدها شارع «ديزنغوف» وسط تل أبيب، مساء الخميس الماضي، والتي أسفرت عن مقتل إسرائيليين وإصابة 14 آخرين.
هذه العمليات الجريئة التي جاءت لتعلن عن محطة مفصلية في مسيرة المقاومة الفلسطينية، هزّت كبرياء إسرائيل، الكيان الصهيويني، التي كانت تظنّ نفسها القوّة التي لا تقهر، و حرّكت مخاوفها، حيث أتت عملية «ديزنغوف» لتظهر تصدّع المنظومة الأمنية التي دأبت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية على بنائها من خلال عملية «السور الواقي»، التي تمثلت باجتياح الضفة الغربية في 29 مارس 2002، وقادها رئيس الوزراء الصهيوني أرييل شارون الذي أطلق بناء جدار الفصل العنصري، في محاولة لقمع الانتفاضة الثانية والقضاء على عمليات المقاومة، ومن أجل الفصل والانفصال عن الفلسطينيين؛ لتوفير الأمن والأمان للإسرائيليين.
العمليات الأخيرة وما خلّفته من خسائر بشرية في صفوف الاحتلال، بقدر ما تعكس أن الفلسطيني قادر على اختراق مواقع ومعاقل إسرائيل مهما كانت محصّنة، فهي تعكس بأنّ فعل المقاومة الذي يأخذ أشكالا عديدة ومتنوّعة، له ما يبرّره لأنّه مدفوع بواقع الاحتلال وسياساته القمعية التسلطية، ومقاومة الاحتلال فعل مشروع بل ومطلوب لكلّ الشعوب التي ترزح تحت نيره بكلّ الوسائل وبمختلف الطرق المتاحة.
إسرائيل لم تستيقظ من الصدمة بعد، وهي في حالة ذهول وشلل إزاء حجم ونوع الاختراقات التي أصابت مؤسستها الأمنية بكل أذرعها وإمكانياتها، والتي فشلت في هذا التحدّي.
صدمة إسرائيل تتّسع وتكبر عندما تصيبها الضربات من فلسطينيي 48، وهي التي كانت تعتقد بأنها نجحت في ترويضهم، وجعلتهم ينفصلون عن قضيتهم، لقد أعادت عملية بئر السبع التي نفّذها فلسطيني من البدو في صحراء النقب في نهاية مارس الماضي إلى الأذهان دور فلسطينيي الداخل المحتل في دعم وإسناد صمود بني جلدتهم في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، والتمسك بمشروع التحرر الوطني وإقامة دولة فلسطينية، بحسب ما تنص عليه المواثيق والقرارات الدولية.
والمثير للنظر، أن تقع بعض هذه العمليات، من قبل مقاومين فلسطينيين من شمال الضفة، وتحديداً من جنين التي اختصتها القوات الإسرائيلية العام 2002، خلال حملة «السور الواقي» بكثير من التركيز والحشد لمحاولة اطفاء جذوة المقاومة.
لا شك أن المقاومة الفلسطينية دخلت محطة مفصلية بعمليات بات الاحتلال يحسب لها ألف حساب، ولا نعتقد بأن اعتماده على سياسة القتل والقمع والاعتقال والتوغل سيضمن له أمنه أو يحميه من ثورة أصحاب الأرض بل سيفتح عليه أبواب جهنّم في كلّ وقت وحين.
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق