تذكرنا نتائج الدور الأول من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، بتلك التي عرفتها النسخة السابقة، مع وصول نفس المرشّحيْن إلى الدور الثاني..ولكن المثير للاهتمام، هذه المرة، هو أن اليمين المتطرّف كان ممثّلا بمرشّحيْن اثنيْن: المتطرّف، والأكثر تطرّفا..أكثر من ذلك، نجد أنّ مجموع ما تحصّل عليه «المتطرّفان» يفوق الثلاثين بالمائة: بلى، ثلث الأصوات المعبّر عنها ذهبت إلى أقصى اليمين، مع كلّ ما يتبناه هذا التيار من أفكار «شعبوية» كما يُقال في «الموضة» السردية السياسية الغربية.
ليست هذه الأرقام مفاجأة للمتابع المجتهد، بل يبدو أنّها تعبير عن صيرورة تسير إليها الديمقراطيات الغربية في السنوات الأخيرة، مع صعود اليمين المتطرّف في أكثر من مناسبة، هنا وهناك، وبطريقة مقنّنة مشرعنة.
عديدة هي الأسباب وراء هذا الصّعود المطّرد، منها الأزمات المتتالية (اقتصادية وسياسية) التي يشهدها العالم عموما، والديمقراطيات الغربية خصوصا، والتي ضخمتها الجائحة وتداعياتها.. ولعلّ الأزمة التي كانت تلد الهمّة، صارت اليوم تلد أزمة أقوى وأوسع..ولا أسهل من تعليق الأزمة على شماعة الآخر، المختلف، المهاجر، الحامل لثقافات وأفكار من خارج النموذج القومي بمعناه الضيق.
كما قد يسمح التصويت العقابي بتوطيد مكاسب أقصى اليمين وتدعيمها، حيث يصير كلّ فشل للسلطة الحالية مكسبا ممكنا للمعارضة، وما أكثر أمثلة الفشل، وما أكثر المكاسب الممكنة..
قد لا نجانب الصواب إن قلنا إنّ تصنيف الطيف السياسي إلى وسط ويمين ويسار، قد لبس لبوس تصنيف عمودي قوامه الصّراع بين الأغنياء والفقراء..وإذا «تيمّن» الوسط والمعتدل، فما الذي يمنع تطرّف التطرّف؟
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق