أشرف وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، اليوم الخميس، على تسليم عبد الحق بن باديس أغراضا شخصية للعلامة عبد الحميد بن باديس للمتحف الوطني للمجاهد.
خصص جناح خاص ودائم للعلامة ابن باديس في متحف المجاهد لتمكين الجزائريين وزوار المتحف من الاطلاع على هذا الإرث الذي يخص الأمة الجزائرية وليس العائلة فحسب.
تمثلت قائمة الأغراض في مذياع، كرسي، عكاز من خشب مكتوب عليه اسم عبد الحميد بن باديس، قشابية، بطانية من الصوف، القراءات السبع، دفتر الطلبة في 42 صفحة يضم ملاحظات شيوخه، ومسيرته منذ دخوله جامع الزيتونة حتى استكمل دراسته، أعداد من مجلة البصائر والمنتقد، شهادة التطويع.
وسلمت الأغراض بمنزل عبد الحميد بن باديس بقصبة مدينة قسنطينة بتاريخ 1 أفريل الجاري.
أشاد وزير المجاهدين وذوي الحقوق العيد ربيقة، بمبادرة عبد الحق بن باديس ومساهمته القيمة في إثراء رصيد المتحف الوطني للمجاهد بالوثائق التاريخية والأغراض الشخصية للشيخ بن باديس.
ووصف العلامة المرحوم برائد النهضة الفكرية والإصلاحية في الجزائر، قائلا: “إن هذا الرجل العظيم الذي أضاء من روحه مشكاة الحق والعلم والمعرفة، مدرسا وخطيبا وواعظا، وإعلاميا ومفكرا ومناضلا وسياسيا وكل هذه الصفات اجتمعت في إرادة رجل واحد، كان أمة بمفرده”.
وأضاف ربيقة أن المرحوم اختار سلاح العلم والحق فحمله طيلة حياته، كرسالة ومبدأ وقيمة ومبتغى، فعمل بلا هوادة على أن يمكن بنات وأبناء الجزائر ممن حرمهم الاستعمار، وكان يدرس ويوجه ويعظ ويحاضر ويبني المدارس ويؤسس النوادي والفرق، ويقود المعارك الإعلامية والفكرية بكفاءة وحنكة المناضل.
وأبرز الوزير أن الشيخ بن باديس تجاوز مجال الوعظ إلى تكوين جيل متشبع بقيم الوطنية وبمكونات الهوية جيل رائد كان في طليعة معركة التحرير الوطني.
وقال وزير المجاهدين: “ذلك الجيل رفع الهمة وواجه التحديات ليكون من الذين قال فيهم الإمام عبد الحميد بن باديس “يا نشء أنت رجاؤنا، وبك الصباح قد اقترب خذ للحياة سلاحها وخذ الخطوبة ولا تهب”.
ودعا شباب اليوم للأخذ بتلك القيم السامية والمبادئ النبيلة التي تحلى بها السلف والتي تسلح بها الشهداء والعلماء في خدمة الوطن ورقيه.
وأوضح ربيقة أن إحياء يوم العلم بقدر ما هو مناسبة تستوقفنا عند تضحيات بنات وأبناء وطننا عبر السنين من أجل الحفاظ على مقومات الهوية الوطنية، بقدر ما هي سانحة للوقوف عند ما تحقق من انجازات هامة ببلادنا في مختلف القطاعات منذ استرجاع السيادة الوطنية”.
وأضاف: “وما قطعته الجزائر بالعلم والعمل من أشواط معتبرة في تشييد صرح الدولة الوطنية، وهو ما يجعلنا ننظر بكثير من الاعتزاز والتقدير، إلى انجازات حاضر الجزائر اليوم في شتى المجالات، لاسيما في التربية والتعليم العالي، وجعل البحث العلمي في ظل الظروف التي يتبعها تسارع العولمة أساسا لكل برامج الجزائر الجديدة ودعامة حقيقية للتنمية”.
وأبرز وزير المجاهدين الإعتزاز بتاريخ أسلافنا لننهل منه الدلالات الرمزية والقيم النبيلة التي تحلى بها رموزنا الأفذاذ، وقال: “بما يعنينا على مقتضيات صناعة المستقبل بالحفاظ على الأمانة وصون الوديعة التي هي للجزائر، بقيمها ومثلها وتاريخها المجيد وعهدها الجديد الذي يحمل رسالة الحق والعدل والإنصاف خدمة للإنسانية والشعوب”.
دروس العلامة
وتحدث عبد الحق، شقيق العلامة بن باديس، عن كيفية احتفاظه بأغراض شقيقه سبعين سنة، ليقرر في الأخير إهداءها إلى المؤسسة الكفيلة بالحفاظ عليها، وكي يستفيد منها الجزائريون، لأنه إرث ملك للأمة ولا يقتصر على العائلة فقط.
وكشف عن تسليم مكتبة الجامع الأعظم عددا من كتب العلامة قدرت بـ900 كتاب متنوعة، تضم كتب التفسير والحديث، وأشار إلى أن بعض الكتب التي كان يقرأها العلامة ابن باديس دون فيها ملاحظات.
وأعرب شقيق العلامة بن باديس عن سعادته لتسليم هذه الأغراض، قائلا: ” كانت على عاتقي مسؤولية كبيرة، وكان لابد من تسليم تراثه المبعثر للمتحف”.
وأكد أن دروس العلامة دامت من أكتوبر 1914 إلى 8 أفريل 1940، جالسا على كرسيه من صلاة الفجر إلى الظهر، وأشار إلى أن المرحوم كان ينظم أبياتا شعرية كثيرة.
ووصفت الوزيرة السابقة زهور ونيسي العلامة الشيخ بن باديس بـ”رمز من رموز هذه الأمة والوطنية والإصلاح في بلادنا، يستحق الإهتمام بتراثه وتراث غيره من العلماء والمفكرين”.
وأضافت أن “وجود أغراض بن باديس في المتحف مهم لتكون محط أنظار الأطفال من الجيل القادم”.
وقالت: ” عندما يقرأون عنه وعلماء آخرون مثل الشيخ عبد القادر المجاوي وعبد الحليم بن سماية يجدون الآثار في المتحف واقعا حيا يترسخ في أذهانهم ويعتزون بذلك أشد الاعتزاز”.