في أحيان كثيرة يُنفّذ المواطن فعلين متعاكسين في المحتوى والاتجاه، ولو بحسن نية، أو بغرض تسجيل رقم قياسي، أو أخذ صورة «سيلفي»، لا غير، لكن في «المبادرة» صورة أخرى لا تظهر للعيان..
في الوقت الذي يشكو فيه الناس ندرة في السميد والحليب ومواد استهلاكية أخرى، لأسباب متعددة، لا مجال لشرحها هنا، يتسابق أناس، طيبون من حيث نواياهم، في صناعة أكبر بوراكة، وأضخم زلابية وأكبر-أضخم كسرة، وغيرها، بمواد يشكُون ندرتها، وقد لا يستهلكونها، فترمى مع الخبز، الذي يفيض عن الحاجة، في المزابل !!؟
مثل هذه السلوكات، التي يلاحظها كثيرون، ويسعون إلى تفسيرها بطرق مختلفة، هي انعكاس جماعي لرغبات غير عادية أو غير معقولة، حتى وإن كان صاحب «المبادرة» فرد واحد، ذلك أن مثل هذه الأفكار الطريفة، والمتطرفة في زمن الندرة، تُخرج مقدرة على رفع تحدي ما في وقت من الأوقات، بطريقة تظهر «عبقرية شعبية» في التعاطي مع «الرغبات الجماعية»، غير العادية، أو تلبيتها، وتنفيس ما يعلق في نفسيات الباحثين عن كيس حليب، بالتندر على آخر أكبر كسرة، أو أكبر زلابية، أو حتى توزيعها في منصات التواصل الاجتماعي، والتنافس على من يبدع فكرة أخرى تزاحم سابقاتها في كم «البارطاج» والتفاعل والتعليق، على ما تجود به عبقرية الفرد، عندما يصبح ناطقا باسم الجماعة، ولو من حيث لم يُرد ذلك أصلا..
وقد نرى ظواهر مثيلة من حيث الشكل، مختلفة من حيث المحتوى، في «أكبر تضامن»، وأكبر قفة رمضان، وأكبر هدية عيد، وأكبر طورطة لنزلاء دور الشيخوخة، وغيرها من الأفكار التي تُسابق سلوكيات من يفعلون الخير في رمضان وغيره من شهور السنة.
وبين من يتهكمون على صور أكبر بوراكة، ومن يستحسنون أكبر زلابية وكسرة، يتمدد شباب يبحثون عن التميز بما يتاح لهم، ولو بأفكار مجنونة، ينفذونها دون التفكير في عواقبها، من قبيل «انتم تبذرون السميد، الذي نبحث عنه»!!
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق