قال البروفيسور محمد بن عزوز، أستاذ الاقتصاد بالمدرسة الوطنية العليا للإحصاء والاقتصاد التطبيقي بالقليعة، في منتدى الشعب “الاقتصادي” حول موضوع “الأمن الغذائي في الجزائر.. رهانات وتحديات”، إن تحقيق الأمن الغذائي ليس عملية ظرفية، بل يتم على المدى البعيد..
وأضاف المتحدث أن الأمن الغذائي يتحقق عن طريق مشروع وسياسة مستدامة في هذا الجانب، حيث يتم ذلك من خلال معالجة الفجوة الغذائية ومعدلات الإنتاج والاستهلاك، في جوانب النمو الاقتصادي، ويكون ذلك بمجموعة من العوامل يتصدرها إدماج البحث والإرشاد العلمي في القطاع الفلاحي باعتباره ضرورة إستراتيجية.
دعا بن عزوز إلى ضرورة توسيع الجزائر من عملية استغلال الأراضي المهملة الصالحة للنشاط الفلاحي التي تبلغ حوالي 42.5 مليون هكتار، والتي يجري استغلال 8.4 مليون هكتار منها فقط كمساحة مزروعة، ويتم ذلك من خلال التأسيس لسياسة زراعية حكومية رشيدة، في مجال الغذاء لضمان توفير الخزان الكافي من السلع الزراعية الأساسية للسكان الذين ترتفع نسبة نموهم سنويا بشكل معتبر.
من جانب آخر، وفي إجابته على سؤال “الشعب الاقتصادي” حول دور البحث والإرشاد والتدريب العلمي في تطوير الموارد البشرية المشرفة على تسيير القطاع الزراعي، أشار بن عزوز إلى ضعف وشح البحوث والدراسات في هذا الجانب، مشيرا إلى أن عدد الباحثين في هذا المجال يُعدون على رؤوس الأصابع، بينما الأمن الغذائي يُعد ملفا إستراتيجي، وهو بحاجة لأرمادة باحثين لإسناد دعائم البحث العلمي من خلال وضع السياسات الزراعية الحكومية بشكل يمس كل شعبة على حدا، من خلال اعتماد نمط إنتاج يوفر الوفرة.
وأضاف بن عزوز، كان يفترض أن مراكز البحث تحيط بها مؤسسات لوضع مخطط العمل الفلاحي، للدمج بين البحث العلمي والعمل الفلاحي في حد ذاته، ونحن بحاجة إلى تثمين العمل الزراعي باعتباره الطريق الأفضل لتحقيق نتائج إيجابية في ميدان الاكتفاء الغذائي.
بالمقابل تحدثت البروفيسور فتيحة بلحاج أستاذة الاقتصاد بجامعة الجزائر 3 التي أشرفت على تنشيط الندوة، عن مسألة البحث العلمي التي عدته ملف أساسي في حلقة تطوير القطاع الفلاحي، وأشارت إلى إنه على المستوى الوطني هناك معاهد متخصصة في الشأن الفلاحي والفلاحة الصحراوية والتي يمكن من خلالها تطوير الإنتاج الفلاحي بشكل لافت، في جميع الشعب الفلاحية.
وعرجت بلحاج على أهمية ربط الجامعة من خلال الكليات المتخصصة بالجانب العملي للقطاع الفلاحي والمحيط الاقتصادي من خلال بناء جسور فعلية، مؤكدة على ضرورة وجود إستراتيجية واضحة في القطاع الفلاحي.
بالمقابل، وحول مسألة الدعم وتحرير الأسعار في السوق لتعزيز الإنتاجية، نوه بن عزوز في هذا الجانب إلى مخاطر الاحتكار، مشيرا إلى ضرورة وجود مخطط محكم لتسويق السلع الغذائية، معتبرا أن أموال الدعم الأحرى أن توجه إلى جانب تعزيز الإنتاج والعمل للقضاء على الترقيع والإتكالية، مؤكدا على ضرورة استغلال مسألة ارتفاع أسعار المحروقات في السوق الدولية في الدفع قدما نحو تعزيز الإنتاج الفلاحي خاصة وأن أسعار الغذاء تتأثر بعدة عوامل من بينها أسعار الطاقة.
وفي سياق ذي صلة، أشارت البروفيسور بلحاج إلى ضرورة وجود شمول في الإدماج الفلاحي، حيث اعتبرت أن الاستثمار في القطاع الزراعي يتم عبر المبادرات الفردية من طرف بعض المستثمرين المهتمين بالقطاع، وهو ما لا يرقي جهودهم المحدودة لكي تندمج في إطار سياسة كلية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتطوير الإنتاج الفلاحي بشكل فعال ومثمر، خاصة في ضوء المزايا الكبيرة التي تتمتع بها الجزائر والرهانات الدولية المتنامية.