لم يعد مستغربا من الغرب الممثل للحضارة المهيمنة، أن يسفر عن حقيقة وجهه المتوشّح بالقيم الإنسانية النّبيلة، ودعاوى الحريّة والمساواة، كي يُظهر ملامح العداء الصّارخ لكلّ ما هو انسانيّ، ويبرهن بأنّ ما يهمّه من الحياة لا يتعدّى مصالحه الضّيقة، وهذا بالضبط ما تجلّى صريحا منذ اقتحام الصّهاينة للحرم المقدسي، واعتدائهم على المصلين الآمنين دون وجه حق، فيكون سانحة للعالم (المتحضّر!!) كي يدخل في مرحلة سبات، ولا يجد في الحدث المؤلم ما يدعو إلى مجرّد قولة حق، تكافئ حسّه الإنساني الذي دأب على مضغه منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية.
ويعلم ممثّلو (الحضارة المهيمنة!!) أنّ الحرم المقدسي رمز من رموز الإنسانية، ومعقل من معاقل التسامح الديني، فهو، بشهادة ابن العربي الإشبيلي، كان يجمع المناظرات السّاخنة بين ممثلي الديانات الإبراهيمية في جوّ من التسامح لم تعرفه الهيئة الأممية المعاصرة، وهو الذي يمثّل في قلوب ثلاثة أرباع البشر، فضاءً للتقارب والمحبة، ومساحة للتعارف والاعتراف، وعنوانا لاحترام القيم الإنسانية؛ غير أنّ آلة الإجرام الصّهيونية كان لها رأي آخر، فاختارت أن تهاجم مصلين عزّلا، في يوم جمعة، وهو يوم عيد، كي تروّعهم، وتصنع الحدث بدماء الأبرياء وصراخهم، أمام أعين العالم المتحضّر الذي يعرف جيّدا متى يستعمل أذن الطين.
وفي كلّ حال، ليس في الإمكان تغييب الحقّ وصوته الجهوري بأصوات الطلقات النارية التي تتبدّد، ولا إخماد الصّمود بالعنجهية المقيتة والظلم الصّارخ، فالتاريخ لم يكفّ مطلقا عن تقديم شهادات تفيد بأنّ ساعة الظلم لا تصمد أمام صولة الحق، وأنّ جميع المقهورين الصّابرين سيأتيهم يوم يكونون فيه الرّحماء، وتسطع شمسهم على الإنسانية..ولا نامت أعين الجبناء..
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق