لا يختلف التّواصل الاجتماعي، واقعيا وافتراضيا، إلا في الواسطة المستعملة، وهو في الواقعي يحتاج إلى هاتف لأخذ موعد مثلا، ووسيلة تنقل، وشراء هدية محترمة، لينعقد اللقاء، ويفرح الأحبة. بينما يختصر المسافة في الافتراضي، ولا يحتاج سوى هاتف، ويمكن لأيّ كان، أن ينزل على أيّ كان، دون استئذان، ولا سابق معرفة، وينعقد اللّقاء الذي لا يكون بالضرورة وديّا، وإنما ينحرف، في الغالب، إلى التهديد والوعيد، والسّباب والشتائم المنوّعة، و(يبدع) المدافعون عن الفضيلة، في استعراض أدوات الرذائل في التعامل مع جميع من يخالفونهم..
ويتفق التواصل الواقعي والافتراضي أنهما معا إنما يحصلان بمعاملة بين البشر، والبشر يتفقون على وجود الصالح فيهم والطالح، والصادق والكاذب، وأن معظم الخلائق يحسّون بأنهم يؤدون دور البطولة في (المسرحية) التي يعيشونها في الواقع، ويتوسمون في أنفسهم أنهم دائما على حقّ، وأن البطولة التي يعيشونها تقتضي أن يكون لهم إسهامهم في إصلاح الحياة برمّتها، وعدم القبول بأي خللّ قد يطلع من هنا أو هناك، ولهذا يتكفلون بأيّ «رأي» فيردعونه، ويدرسون أي منهاج ويفكّكونه، ولا يتوقفون أمام رأي طبّي، ولا مسألة فقهية أو قانونية، بل كثيرا ما تجدهم يشرحون أخطاء مدرب كرة القدم الفلاني، ويقترحون عليه الخطة العلانية، ويتحدثون في كلّ هذا بمنتهى الثقة، لا يحسون بأي حرج حين تتّضح صورة الجهل على وجوههم، فهذه النوعية وجوهها قصدير خالص.
إن صناع الفتن بمواقع التواصل الاجتماعي، يمثلون خطرا غير معيّـن على المجتمع برمّته؛ ولهذا، ينبغي أن لا تمرّ الظاهرة التواصلية مرور الكرام، وإنما يجب تأطيرها بقانون يحفظ للمجتمع كرامته، ويقيه شرور المفسدين المتربصين بكل شيء جميل..
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق