تحدث الخبير الاقتصادي وعضو اللجنة المالية في المجلس الشعبي الوطني عبد القادر بريش عن التحديات الاقتصادية للجزائر في المرحلة المقبلة، بعد الاستقرار السياسي والمؤسساتي الذي عرفته البلاد، الذي اعتبره عامل مهم لتحقيق الإقلاع الاقتصادي “لا يمكن أن نتصور أي إقلاع اقتصادي بدون عامل استقرار سياسي والاستقرار المؤسساتي”.
قال الخبير بريش، لدى نزوله ضيفا على مواقع “الشعب” الإلكترونية، الاثنين، إن المرحلة الحالية تتطلب العمل بوتيرة أسرع وفعالية أداء، من أجل الخروج من تأثيرات جائحة كورونا، متسائلا في نفس الوقت كيف نباشر إصلاحات اقتصادية تكون لها آثار اقتصادية على الديناميكية الاقتصادية والإنعاش الاقتصادي؟
من جانب آخر فصّل بريش، في الأسباب التي حالت دون تقدم الجزائر في تحقيق الإصلاحات، حيث قال إن السياسات الحكومية المتعاقبة، ضيعت فرصا للإقلاع الاقتصادي في زمن البحبوحة المالية، وأصبحت تمثل عبئا على الحكومة الحالية، وأكد أن عامل الزمن مهم في هذه المرحلة، في قوله: “في المراحل السابقة الكثير من الملفات والبرامج الإصلاحية تم تأجيلها لاعتبارات، واتخاذ الحلول السهلة مثل شراء السلم الاجتماعي، ضيعنا فرص الإقلاع الاقتصادي”.
وفي هذا الصدد، أوضح ضيف مواقع “الشعب” انه يجب اتخاذ مجموعة من القرارات بخصوص مسألة الورشات الإصلاحية الكبرى مثل الإصلاح المالي والجبائي وكل ما يتعلق بالمنظومة المالية والمصرفية.
في هذه النقطة يقول: “نواجه تحدي إطلاق حزمة من الإصلاحات الاقتصادية، منها ما يخص النظام المصرفي، النظام الجبائي، عصرنة المعاملات البنكية”.
وأضاف عضو الجنة المالية بالمجلس الشعبي الوطني ان إصلاح النظام الضريبي لابد وأن يكون إصلاحا شاملا، كما حدث عام 1991، وإعادة النظر في النظام المصرفي بصفة جذرية، مثل ما حدث في إصلاح قانون النقد والصرف الصادر في 1990 (90-10) الصادر في 14 افريل 1990.
وعن الإصلاحات، قال بريش: “يجب أن نسرع في البث في الإصلاحات المالية والمصرفية والصلاح الضريبي من خلال تحديث وعصرنة النظام الضريبي الجزائري والذهاب نحو نظام ضريبي فعال، وأكثر مرونة، من حيث البساطة والاحتواء، حتى نقضي على قضية التهرب الضريبي، خاصة وان جزء منه بدء في قانون المالية 2022”.
وعرج محدثنا عن التحديات الجيو-اقتصادية والجيو-سياسية، وما يعرف بجيوبوليتيك الطاقة نتيجة العمليات العسكرية في أوكرانيا، وكيف يمكن للجزائر أن ترفع التحديات اقتصادية من خلال الاستفادة من هذه الدروس مثل جائحة كورونا التي علمتنا ترتيب الأولويات، ولعل أهمها هي تحقيق الأمن الغذائي، من اجل بناء دولة قوية يكون باقتصاد قوي مقوماته سيادة غذائية، سيادة طاقوية، سيادة مائية وسيادة رقمية وعلى الجزائر لابد أن ترفع التحدي، من خلال تجنيد الموارد الزراعية والفلاحة والصناعات التحويلية.
“مسألة ترتيب الأولويات – في نظر بريش- أصبحت واضحة وعلى رئسها مسألة تحقيق الأمن ألغدائي، الذي أصبح مهم جد خاصة في ذروة الجائحة التي فرض قيود على الإنتاج والتنقل والشحن والتغيرات المناخية، لأن تأمين الغداء أصبح محل تنافس بين كل الدول الذي تبحث عن أمن غدائي استراتيجي، والسيادة الغذائية ونحن في الجزائر لابد ان نرفع التحدي”.
وتحدث النائب عن مشاريع القوانين مشاريع القوانين الجديدة المزمع مناقشتها تحت قبة البرلمان، منها وقانون المناطق الحرة، وهو قانون مهم جدا، لكن لابد أن يقدم مشروع قانون الاستثمار أولا، لان الكثير من الجوانب العامة للتحفيز والاستثمار يمكن أن يشار لها في قانون الاستثمار، يتم ضمها في قانون المناطق الحرة .
ويرى الخبير بريش أن قانون الاستثمار الجديد الذي اعتبره قانونا مرجعيا في مسألة الاستثمار، يكون مستقرا، ذلك ان استقرار القوانين مهم جدا، براي البرلماني، ما يجعل بيئة الاستثمار تتيح تسهيلات للمستثمرين، من خلال تحفيزات، وإعفاءات.
ويقدم قانون الاستثمار الجديد ترتيبا للقطاعات التي تحظى بالأولوية، ويفتح باب المنافسة أمام المستثمرين المحليين والأجانب لاستقطاب المشاريع التي تخدم اقتصاد البلاد، إضافة إلى إدخال أدوات عصرية لإدارة ومعالجة الملفات الاستثمارية.
وشدد المتحدث على ضرورة تجاوز الإجراءات البيروقراطية المقننة وإقرار كل التسهيلات لجلب الثروة وديناميكية اقتصادية.