يحيي العالم اليوم العالمي للشغل الموافق لـ1 ماي هذا العام وسط تحديات ترهن مستقبل البشرية في السلم والغذاء والأمن، (التغيرات الدولية) تزيد من تعقيداتها تداعيات الأزمة المزدوجة الاقتصادية (التهاب أسواق المحروقات) والصحية (وباء كوفيد-19).
غير أن اعتماد الجزائر العام 2022 موعدا اقتصاديا بمعنى الكلمة، يؤكد مدى الإصرار على مواصلة مسار رفع التحدي في كافة القطاعات الإنتاجية والإبداعية والخدمية بالارتكاز على مقومات وطنية ومحلية يمكنها أن تنجز الأهداف المسطرة وحماية الاقتصاد من ركود قاتل للنمو.
مؤشرات مختلفة تعطي الانطباع بالقدرة على تجاوز الصدمة وآثارها، أمر توقفت عنده منظمات مالية دولية، منها الـ»أافامي» بحيث راجع تقاريره السابقة، مسجلا توقع تحسن في معدل النمو إلى 2,4% العام الجاري مع تراجع للبطالة إلى 9,8%.
بالطبع مثل هذه المؤشرات لم تأت من فراغ وإنما هي ثمرة توجهات جرى اعتمادها بشجاعة وانسجام ضمن الرؤية الاقتصادية والاجتماعية التي سطرها الرئيس تبون من منطلق تعهداته الانتخابية 54، مدمجة كل مقومات النهوض والانطلاق وفقا لمقاربة عنوانها البارز، حماية السيادة الوطنية.
وكانت معالم تلك التوجهات، على قدر جانبها المؤلم، بمثابة مفاتيح الخروج من دائرة الأزمة وإدراك عجلة الإنعاش من خلال تدابير ملموسة، أبرزها رفع التجميد عن المشاريع بكسر البيروقراطية ضمن معايير النجاعة الاقتصادية وتشديد الخناق على بؤر الفساد وتحرير المبادرة الاستثمارية، بما فيها الشراكة مع متعاملين لديهم الثقة في السوق الجزائرية عبر انفتاح أكثر على العالم العربي.
إن الوضع اليوم ليس كالأمس، بالرغم من استمرار خطر تداعيات الأزمة ومن ثمة يمكن إنجاز أهداف ورقة الطريق للعام الجاري بمضمونها الاقتصادي عبر تعزيز حزمة الخيارات الاستراتيجية وتصويبها في كل مرة وفقا لتطور المؤشرات، مع انخراط كافة الشركاء في الديناميكية الوطنية لإدراك بر الأمان نهائيا عبر التخلص من التبعية للمحروقات وفك الارتباط مع شركاء أجانب لطالما اعتبروا الجزائر موردا للطاقة الخام وسوقا استهلاكية.
انطلاقا من الرصيد المتراكم لسنوات، مع ما يعتريه من نقص هنا واختلال هناك، ينبغي تصحيحه وتقويمه باستمرار، فإن الحوار الاجتماعي في عالم الشغل يشكل صمام أمان يسمح بصياغة الحلول الملائمة في ظل استقرار يحمي مكاسب العمال ويفتح الأفق للمؤسسات الاقتصادية.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.