كُرّست الجزائر حرية الصحافة، عبر آليات وتشريعات تعمل على تعزيزها بإصدار نصوص قانونية جديدة يجري إعدادها، تضمن حرية التعبير للجميع، وتضبط النشاط الإعلامي خاصة الجديد، وفق مبادئ الدستور، دون أن تتعداه إلى زرع الفتن والفوضى والمساس بأمن واستقرار الوطن وبحرية ضحى من أجلها الشهداء.
يحرص رئيس الجمهورية على تقديم قانون شامل وكامل، يؤطر وينظم القطاع الإعلامي في الجزائر، يسد ثغرات القوانين السابقة التي حولت قنوات تلفزيونية وطنية إلى مكاتب أجنبية، ويضبط بدقة نشاط الإعلام الرقمي الجديد، الذي يحاول استغلال انتشاره الواسع من قبل أطراف، لترويج الأكاذيب والإشاعات ونشر الفتن بين أفراد المجتمع الواحد، واستعماله كمعول هدم وليس بناء.
وتأجيل تقديم مشروع قانون الإعلام المرة الثالثة على التوالي، ليس ترددا أو ضعفا، كما تصوره، بعض الأطراف الحاقدة، وإنما حرصا، على ضبط قانون الإعلام المكتوب والسمعي البصري والالكتروني، وتكييفه مع التطورات التكنولوجية الحديثة، ومده بآليات جديدة، تنظم مهنة الصحافة، وتطهرها من الدخلاء، وتمنحها وسائل تدعم حرية التعبير، وتحميها من جرائم يعاقب عليها القانون.
فالدستور ينص على عدة أحكام ذات صلة بالحقوق الأساسية والحريات العامة وضماناتها، لا يمكن تقييدها من السلطات والهيئات العمومية، إلا بموجب قانون، ولأسباب مرتبطة بحفظ النظام العام والأمن وحماية الثوابت الوطنية، وكذا تلك الضرورية لحماية حقوق وحريات أخرى يكرسها الدستور.
وحرية الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية والالكترونية خاصة مضمونة في دستور 2020، وتتضمن على وجه الخصوص حرية تعبير وإبداع الصحفيين والمتعاونين، حق الصحفي في الوصول إلى مصادر المعلومات في إطار احترام القانون، الحق في حماية استقلالية الصحفي والسر المهني، الحق في إنشاء الصحف والنشريات بمجرد التصريح بذلك، الحق في إنشاء قنوات تلفزيونية وإذاعية ومواقع وصحف إلكترونية ضمن شروط يحددها القانون، الحق في نشر الأخبار والأفكار والصور والآراء في إطار القانون، واحترام ثوابت الأمة وقيمها الدينية والأخلاقية والثقافية، لذلك لا يمكن أن تستعمل حرية الصحافة للمساس بكرامة الغير وحرياتهم وحقوقهم، أو نشر خطاب التميز والكراهية، كما لا يمكن أن تخضع جنحة الصحافة لعقوبة سالبة للحرية، ولا يمكن توقيف نشاط الصحف والنشريات والقنوات التلفزيونية والإذاعية والمواقع والصحف الالكترونية، إلا بمقتضى قرار قضائي.
يشهد الواقع تكريسا لعدة حقوق تخص الصحافة والقائمين عليها، ووجود قنوات تلفزيونية وإذاعية تعمل دون سند قانوني ولم يتم غلقها دليل على عدم التضييق على الحريات، كما أن الجزائر تحصي أزيد من 180 جريدة وطنية تطبع دون دفع مقابل، ونحو 20 قناة تلفزيونية تعد بمثابة قنوات وطنية بالرغم من أنها ليست منظمة من الناحية القانونية وتعمل دون التضييق عليها.
وما يحتاجه قطاع الإعلام اليوم، ضبط الكثير من المفاهيم التي تعزز الحريات، وتدعم النشاط الإعلامي، والقانون واضح في هذا الأمر، لذلك يجب الابتعاد عن خطابات العنف والكراهية والتخوين، وتحديد مسؤوليات كل طرف مسبقا عبر قوانين تضبط حدود كل طرف.
الإعلام الحديث، استحدث بحسب خبراء مفاهيم جديدة وأفرز تصرفات خطيرة باتت تستهدف خصوصية الأشخاص وسيادة الدول ووحدتها واستقرارها، لذلك تحديد مفهوم القيم العمومية للإعلام والممثلة في خدمة الصالح العام وليس جهة معينة أو طرف ما، بات أكثر من ضرورة لتكريس المهنة والموضوعية والاحترافية.