دخل الاقتصاد بجميع مكوناته مرحلة ما بعد الوباء، ليتحول إلى قاسم مشترك بين كافة الشركاء، الذين دخلوا مرحلة حوار اجتماعي مباشر مع الحكومة من أجل صياغة ورقة طريق تقود إلى إنجاز الأهداف المسطرة في أجندة العام الجاري ذي الطابع الاقتصادي بامتياز.
لذلك ليس غريبا القرار الذي اتخذه الرئيس تبون، في اجتماع مجلس الوزراء الأخير، بطلب تعميق مشروع قانون الاستثمار الجديد، ليتضمن كل المتطلبات ويعالج جميع النقائص والاختلالات التي لطالما أعاقت المبادرة وعرقلت مشاريع، مما يعيد المسار إلى السكة السليمة لتستوعب كل التطلعات المعبر عنها في مجال الاستثمار المحلي والوطني وضمن الشراكة الأجنبية.
علاوة على فاتورة الفساد الباهظة، كلّف الوباء، بعد أن جثم على صدر المنظومة الاقتصادية لسنتين، كثيرا من الموارد والفرص الثمينة؛ أمر ينبغي تداركه بسرعة وليس بتسرّع، عبر إرساء جهاز قانوني يستجيب لقواعد الاستثمار المنتج وفقا لمعايير المبادرة والمنافسة ضمن بيئة تضع المستهلك والبيئة والسلامة في الصدارة.
وانطلاقا من هذه الحتمية، يستوجب الوضع إحاطة معادلة الاستثمار بكافة المقومات التشريعية والتنظيمية المتضمنة في أدبيات الخيار السياسي المعبر عنه، مما يوفر المناخ الجذاب ويزيح المعوقات المتراكمة لترتكز السوق الجزائرية في كل المجالات على قاعدة صلبة، تكون أرضية انطلاقة جديدة عبر مشاريع ذات جدوى لا تحدها بيروقراطية ولا تكبحها ممارسات، طالما أنها تخضع لمعايير شفافة ويطبعها الوضوح على امتداد مسار السلسلة من المنبع إلى المصب.
ولا تعتبر مقومات النهوض ضئيلة بالرغم من تداعيات الأزمة المزدوجة النفطية والصحية؛ ذلك أن معالم التغيير التي أرسيت دعائمها الدستورية والتشريعية تفتح آفاقا عريضة أمام المؤسسة الجزائرية للتّموقع مجدّدا على مستوى الأسواق المحلية والإقليمية والدولية، مناعتها الأولى والأخيرة التزام معايير الاحترافية والجودة لعبور آمن.
وتتوفر الجزائر، باعتراف خبراء كثر، على فرص فريدة في الاستثمار الناجح في شتى المجالات، منها على سبيل المثال السياحة والفلاحة والصناعة التحويلية والتكنولوجيات الجديدة والبيئة والصيد البحري، وهي ميادين فسيحة لا تزال خصبة حقق فيها متعاملون نجاحا باهرا، وقادرة على استيعاب آخرين وطنيين وأجانب تكون لديهم الثقة الراسخة في السوق الجزائرية.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.