القارة العجوز ليست على ما يرام بسبب ظرف عسير تمر به، وتداعيات قاسية تعصف بتقدم خطواتها نحو الأمام، لأنّ وضعها الاقتصادي والأمني غير مستقر، وتلفّه ضبابية وغموض محيّرين، ليس فقط بسبب الحرب التي تفجّرت بعقر دارها، وإنما بفعل تداعيات عديدة، أهمها السلاح النووي الروسي حيث ينظر إليه بقلق جدي، مع صعوبة إيجاد بديل سريع للتّحرّر من قبضة الإمدادات الطاقوية الروسية، ويضاف إليها ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء والغذاء، والذي جعل الحكومات الأوروبية في مأزق، تواجه غضبا شعبيا بسبب الغلاء والتضخم، حتى أنّ صرخة الألمان بأنّ خطر المجاعة بات يحوم ويلوح بقوة موجعة لأكبر اقتصاد يقود قاطرة النمو والحركية الاقتصادية في منطقة اليورو.
تدفّق موجة لا يستهان بها من اللاجئين الأوكرانيّين مكلفة ومربكة لدول ما زالت تصارع خطر عودة إصابات فيروس كورونا، وفوق ذلك دول الاتحاد الأوروبي مطالبة باقتطاع الملايير من مواردها المالية التي من المفروض لولا الحرب المفاجئة أن يتم استغلالها في دعم أسعار الطاقة والغذاء لشعوبها، إلى جانب دعم كييف بالأسلحة والعتاد والغذاء، وفيما بعد مدعوة للإسهام في إعمار، بلد (أوكرانيا) لن يخرج من هذه الحرب التي تبدو أنّها ستطول إلا وبنيته التحتية مدمّرة.
في الوقت الحالي تقود فرنسا الاتحاد الأوروبي من خلال الرّئاسة الدورية، حيث تسعى معها كل من ألمانيا وإيطاليا إلى إدخال إصلاحات جذرية، تشريعية بالدرجة الأولى واقتصادية بالدرجة الثانية، تسمح بتجاوز التحديات الراهنة وتزيد من متانة وعمر الاتحاد، الذي لن ينسى أنّه تعرّض قبل كورونا إلى ضربة موجعة جرّاء “بريكست”، حيث انسحبت بريطانيا أقوى الدول الأوروبية من الاتحاد الأوروبي، وتوجّهت إلى وجهة مغايرة بحثا عن تنويع شراكاتها، وإيجاد بدائل أكثر نفعا لها.
أوروبا محاصرة بالحرب والتضخم واللاجئين، وأسعار الطاقة الملتهبة والخطر النووي..فهل تملك حلولا جذرية أم أنّها ستكون وجها لوجه أمام أزمة معقدة تضعف الإتحاد الأكبر في العالم، وبالتالي تتكبّد أكبر جزء من خسائر الحرب الأوكرانية، لأنّ الاقتصاد يحتاج إلى وقت لكي ينمو ويعوّض الخسائر؟
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق