يركز أكاديميون ومختصون في تكنولوجيا وسائط الاتصال، على دور الثقافة المعلوماتية وإلمام المستخدمين بخصائص استخدامات هذه الوسائط، في ظل تنامي مخاطر التضليل والإشاعة، وعدم قدرة فئات كثيرة على التمييز بين المحتوى السليم والمزيف، الكاذب أو المضلل قصد التوجيه لأغراض وأجندات معينة.
ظاهرة تنامي مخاطر الـ”فايك نيوز” بالجزائر، يربطها أستاذ جامعي مختص في التكنولوجيات الرقمية فريد فارح، بتزايد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ما أدى –حسبه- إلى انتشار “خبيث” لمعلومات خاطئة ومضللة بين جماهير هذه الوسائط، تختلف عن جماهير وسائل الإعلام التقليدية.
من بين أسباب انتشار المحتوى المضلل بين المستخدمين والتفاعل معه، يشير فارح إلى غياب ثقافة معلوماتية رقمية، تتيح فرص انتشار معلومات مضللة أكثر من الصحيحة على مواقع التواصل الاجتماعي.
في هذا الجانب، يتحدث مصدر “الشعب أونلاين”، عن ما يسميه “الأمية الرقمية” لدى مستخدمي التكنولوجيات الرقمية، ويقصد به عدم التحكم في استخدامات هذه الوسائط وعدم القدرة على التمييز بين المحتوى المنشور.
خصائص الوسائط الجديدة، التي أضحت إحدى أبرز عوامل تغذية الشائعات ووصولها إلى أكبر عدد ممكن من المستخدمين وبسرعة فائقة، تحتاج -حسب المتحدث- تحسيس وتنوير الرأي باستمرار حول كل ما يتعلق بالاستخدامات الرقمية الجديدة..
لذلك يرى فريد فارح أن اكتساب ثقافة رقمية من قبل المستخدمين يقلل من مخاطر ظاهرة الأخبار الكاذبة، ويحصن عقول المستخدمين من وباء الشائعات بمواقع التواصل الاجتماعي، ويسمح لهم التمييز بين المحتوى الصحيح والكاذب.
التربية الإعلامية..
ركزت ورقة بحثية مطولة نشرت في المجلة العلمية لجامعة أم البواقي تحت عنوان “فيروس كورونا المستجد وانتشار الأخبار الكاذبة في الجزائر” نشرت بتاريخ 16 أفريل 2021، على جانب التربية الإعلامية والمعلوماتية.
من جوانب التربية الإعلامية، وفقا للدراسة ذاتها، الإلمام بأساسيات الإعلان والحاسوب، وما يتعلق بالخصوصية، وتشتمل أيضا فهم كيفية تفاعل الاتصالات مع الهوية الفردية، والتطورات المجتمعية.
وترتبط التربية الإعلامية – حسب الورقة البحثية – بالاستخدامات الرقمية للأنترنيت ومنصاتها المختلفة، خاصة مع تزايد معدلات الاستخدام غير الرشيد لها: “إن مستخدمي فيسبوك اليوم بحاجة ماسة إلى فهم موقعهم في حقل التواصل عبر الميديا الجديدة، وأن يطوروا فهمهم لسياقات تلقي الأخبار عبرها، وكيف يمكن أن تؤثر علاقاتهم التواصلية وهوياتهم الخاصة في الفضاء الإلكتروني وفي الواقع، بسبب سلوكهم في تلقي ونقل الأخبار في العصر الرقمي..”.
وأولى المهارات التي يطالب هؤلاء باكتسابها تتعلق بمهارة التفكير النقدي التي تمكنهم من التحليل والتفسير والنقد والتقييم والتنظيم للمعلومات، واستقراء البيانات، وكلها تسهم في تطور نظرته لتلقى المعلومات عبر الميديا الجديدة، وتمكنه من غربلة ما يتلقاه، وتجنب التضليل الإعلامي ومحاربته إن أمكن في خطوات لاحقة.
وانتشر مصطلح التربية الإعلامية لأول مرة من طرف اليونسكو، وارتبط المصطلح بالاستخدامات الرقمية للإنترنيت ومنصاتها المختلفة، خاصة مع تزايد معدلات الاستخدام غير الرشيد لها.
وتظهر نماذج عديدة لأخبار كاذبة رصدناها في صفحات “فايسبوك”، تفاعل مستخدمين بشكل كبير مع منشورات كاذبة دون أن يتحققوا من صحتها، وروجوا لها في غياب حس نقدي أو جهل منهم، مثلما حدث بعد مباراة العودة في التصفيات المؤهلة لكاس العالم في كرة القدم بين الجزائر الكاميرون وأمثلة أخرى كثيرة..