تتواتر منذ أشهر، فيديوهات عربية، تكتسح وسائل التّواصل الاجتماعي، وتتّفق جميعها على معالجة موضوع «الزّواج» في قوالب «ساخرة»، تركّز – عادة – على غلاء المهور، والمشاكل التي يواجهها الشّباب في بناء أسر سعيدة، والغريب أن كثيرين يصوّرون فكرة «المهر» على أنّها مسألة تجارة خالصة، إلى درجة أنّ مقولة (اشحال اعطاوك فيها؟!)، صارت لازمة في كل المشاهد المتعلقة بجلسات الخطبة في الفيديوهات الجزائرية.
ولسنا نحتاج إلى تبرير تشريع «المهر»، فهذا أمر معروف عندنا، متفق عليه، لكنّنا يجب أن نشير إلى أنّ أسلوب القراءة الذي يروّج له اليوم الجاهلون، إنّما هو ما اشتغلت عليه آلة البروباغندا الكولونيالية في القرن التّاسع عشر، من أجل تشويه المجتمعات المسلمة، وتسويغ خطاب «الحضارة» التي ادّعوا أنهم يوزّعونها على «الآنديجان» في شمال إفريقيا، بل إنّ الصيغة المعتمدة اليوم على ما يوصف بأنه وسائل للتواصل الاجتماعي، هي نفسها الصيغة التي اعتمدها الكذابون والمنافقون من خدّام الكولونيالية المقيتة، ولمن يريد أن يتأكد، يكفي أن يعود إلى الكتب القديمة (وهي متوفرة رقميا)، ليجد من يقول بمنتهى الصّفاقة: «عندما تبلغ الفتاة سنّ الزّواج، تصبح عند والدها مثل الحصان، ويقدّمها إلى من يدفع أعلى ثمن فيها..وهو ما يسمّونه المهر»!!..هذا الكلام يتردّد عند جميع الكتاب الكولونياليّين الذين تكفّلوا بتشويه المجتمعات، كي يبرهنوا (لأنفسهم) أن رسالتهم حضارية، وأنّهم يحملون الأنوار إلى الشعوب البدائية المتخلّفة!!.
كيف لهذا الخطاب الكولونيالي السّاذج أن يعود ويتسلل إلينا من جديد؟! كيف لهذه الأكاذيب الصريحة أن تلقى القبول في أوساط تدّعي أنّها تمتلك وسائل المعرفة، وأنّها تستعمل التكنولوجيا باقتدار، وأنّها (تؤثّر في الرّأي)، وأنّها (تعلم ما لا تعلمون)؟!..
من الآخر..القراءة لا تقتل، والمعرفة ليست عيبا، وليرحم الله من قال: «يفعل الجاهل بنفسه، ما لا يفعل العدوّ بعدوّه»..
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.