بالرغم من عدم تسجيل أي حالة لـ «جدري القردة» بالجزائر إلى حد الآن، بدأت مخاوف احتمال انتشار العدوى إلى داخل الوطن، خاصة وأن المرض انتقل إلى دول على الحدود، بحسب ما أوردته وسائل إعلام محلية.
أكد معهد باستور بالجزائر، في بيان، مساء الثلاثاء الماضي، عدم تسجيل أو تأكيد أي حالة إصابة بمرض جدري القردة أو حالة مشتبه بها، لافتا إلى أنه سيعلن عن أي معلومة جديدة تخص هذا الموضوع عبر موقعه الإلكتروني وصفحته الرسمية على فايسبوك.
انتقلت المخاوف عبر أرجاء المعمورة، من وباء كورونا الذي ظهر قبل سنتين، إلى بعبع جديد يتمثل في مرض جدري القردة، الذي ظهر على حين غرة، وبات الرعب من انتقال العدوى وتحول هذا المرض إلى وباء يجتاح العالم، هو السائد حاليا، بعدما أعلنت عدد من الدول حول العالم تسجيل إصابات بالمرض.
وتزداد المخاوف من تأثير المرض مرة أخرى على اقتصاديات الدول، في وقت يعيش العالم على وقع متغيرات كبيرة مع الأزمة الأوكرانية، ومحاولة تغيير موازين القوى، وطفت معها تساؤلات وشكوك إلى السطح حول نظريات المؤامرة.
ففي وقت لا يزال العالم لم يتعاف بعد من وباء كورونا، تعالت أصوات حول احتمال تحور فيروس جدري القرود إلى وباء عالمي، بعدما أعلنت منظمة الصحة العالمية، يوم الثلاثاء 24 ماي، عن تسجيل 131 إصابة مؤكدة بجدري القردة و106 حالات أخرى مشتبه بها منذ الإبلاغ عن الحالة الأولى في السابع من ماي الجاري خارج البلدان التي ينتشر فيها المرض عادة.
لقاح محتمل
في هذا السياق، تجري شركة «موديرنا» اختبار لقاح محتمل للوقاية من «جدري القردة» في مرحلة الاختبارات قبل السريرية، مع انتشار المرض في 19 دولة. وقالت منظمة الصحة العالمية، الثلاثاء، إن عدد حالات الإصابة بجدري القردة المؤكدة بلغ 131 حالة، إلى جانب 106 حالات أخرى مشتبه فيها منذ الإبلاغ عن أول إصابة بالمرض.
ولم تقدم شركة «موديرنا» بعد مزيدا من التفاصيل والمعلومات بشأن اللقاح المحتمل. وفي وقت سابق، قال مسؤول كبير بمنظمة الصحة العالمية، إن المنظمة لا تعتقد أن تفشي مرض جدري القردة خارج قارة إفريقيا يستدعي إطلاق حملات تطعيم جماعية. وأضاف، أن القيام بإجراءات أخرى كالنظافة الشخصية الجيدة والسلوك الجنسي الآمن سيساهم في السيطرة على انتشار المرض.
اكتشاف المرض
كما أوضح معهد باستور في تقرير نشره بموقعه الرسمي على الأنترنت، أن جدري القردة هو مرض نادر ينتج عن الإصابة بفيروس ينتمي إلى جنس الفيروسات القشرية، تم اكتشافه في عام 1958، عندما تفشى مرتين في مستعمرات القردة التي تمت تربيتها للبحث، ومن هنا جاء اسم «جدري القردة».
وأورد معهد باستور، أنه تم تسجيل أول حالة إصابة بشرية بجدري القردة في عام 1970 في جمهورية الكونغو الديمقراطية، خلال فترة الجهود المكثفة للقضاء على الجدري. ومنذ ذلك الحين، تم الإبلاغ عن «جدري القردة» في العديد من بلدان وسط وغرب إفريقيا الأخرى: الكاميرون، جمهورية أفريقيا الوسطى، كوت ديفوار، جمهورية الكونغو الديمقراطية، الغابون، ليبيريا، نيجيريا، جمهورية الكونغو وسيراليون.
وأضاف معهد باستور، موضحا «حدثت حالات إصابة بشرية بجدري القردة خارج إفريقيا، مرتبطة بالسفر الدولي أو الحيوانات المستوردة بما في ذلك حالات في الولايات المتحدة، وكذلك المملكة المتحدة وبعض الدول الأوروبية والآسيويين. ولا يزال المصدر الطبيعي لجدري القردة غير معروف، ومع ذلك، يمكن للقوارض الأفريقية والرئيسيات غير البشرية (مثل القردة) إيواء الفيروس وإصابة البشر».
7 ماي أول حالة
وبحسب ذات المصدر، فإن من أعراضه الطفح الجلدي (على شكل بثور) وتضخم الغدد الليمفاوية هي العلامات الرئيسية لصالح جدري القردة. وأضاف معهد باستور، أنه تم تأكيد الحالة الأولى في 7 ماي 2022 في أوروبا لفرد عاد إلى إنجلترا قادما من نيجيريا. ومنذ ذلك الحين، أبلغت السلطات الصحية في المملكة المتحدة عن 9 حالات مؤكدة من «جدري القردة» في الأشخاص الذين لم يسافروا إلى منطقة معرضة عادة للخطر (وسط أو غرب أفريقيا).
بالإضافة إلى ذلك، تم تأكيد 5 حالات إصابة بـ «جدري القردة» في 13 ماي 2022 في البرتغال، وهناك 15 حالة أخرى مشتبه بها قيد التحقيق.
في إسبانيا، تم الإعلان عن إجمالي 30 حالة اعتبارًا من 20 ماي 2022. كما أشارت السلطات الصحية في هذا البلد إلى أنه يتم التحقيق في 18 حالة أخرى مشتبه بها في إسبانيا: 15 حالة في منطقة مدريد، وحالتان (2) حالة في جزر الكناري وحالة واحدة في الأندلس.
وفي إيطاليا، تم الإعلان رسميًا عن 3 حالات مؤكدة يوم الجمعة 20 ماي 2022، إلى جانب 30 حالة مشتبهة حاليًا، كما تم الإبلاغ عن حالات أخرى في السويد والولايات المتحدة وكندا.
ما علاقة «المثليين»؟
لا يخفي مسؤولون كبار وجود حالات إصابة بين المثليين، إذ قالت سوزان هوبكنز، كبيرة المستشارين الطبيين في وكالة الأمن الصحي البريطانية، إن نسبة كبيرة من الحالات المكتشفة في المملكة المتحدة وأوروبا وُجدت لدى المثليين ومزدوجي الجنس من الرجال، وشجعت المسؤولة هذه الفئة على الانتباه إلى الأعراض، وفق تصريحات رسمية على موقع الحكومة البريطانية.
كما قال دايفد هييمان، وهو استشاري بارز في منظمة الصحة العالمية، لوكالة أسوشيتيد بريس، إن حفلتين، الأولى هي المذكورة في بلجيكا، والثانية كانت في إسبانيا، تعدان نظريا سبب انتشار الداء بهذا الشكل حاليا. وذكر أنه يظهر أن «التواصل الجنسي ساهم في رفع مستوى العدوى، بينما تشير المنظمة ذاتها أن انتشار المرض يعد أمرا غير معهود، وأن وجود حالات في عدد من الدول يشير إلى إمكانية أنه كان ينتشر بشكل صامت لبعض الوقت.
وفي أمريكا نبهت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن المرض ينتشر في مجتمع هذه المجموعات الجنسية. وذكر جون بروكس، بحسب موقع cnbc، أن العديد من المصابين عبر العالم هم من الرجال المثليين ومزدوجي الجنس، لكنه حذر في الوقت نفسه من أنّ الخطر لا يقتصر على المجموعات الجنسية المذكورة، بالرغم من كون بعضها معرّضا أكثر للإصابة حاليا.