ركّز المتدخلون ضمن فعاليات اليوم الثالث والأخير من الأيام الدراسية حول الأمن الغذائي للمركز الوطني للدراسات الإستراتيجية الشاملة، على دور البحث العلمي والإبداع كواحد من روافد السيادة الغذائية.
أسهب الخبراء في عرض مقومات بلوغ السيادة الغذائية، عن طريق الاستغلال الأمثل للثروة المائية، ومواكبة آخر مستجدات تكنولوجيا إعادة تدوير استعمال المياه.
وأوضح الخبير الفلاحي المختص في تثمين مياه الري الفلاحي، الأستاذ عبد الحق كبيش أنّ الفلاحة بالجزائر تستغل حاليا بين 70 و80 بالمائة من مياه المستعملة في الجزائر.
كما أن ما يعاب على الري الفلاحي حاليا هو الاعتماد على التقنيات القديمة في الري الفلاحي بنحو 60 بالمائة، وهذه الأخيرة تتطلب كميات ضخمة من المياه.
وأضاف كبيش أن الاعتماد على التقنيات الحديثة التي المقتصدة للمياه بنسبة لا تتجاوز 19 بالمائة وهي نسبة ضعيفة جدا، بالرغم من حيازتنا على إمكانيات وثروات هامّة لكي نمر نحو الاكتفاء الذاتي.
ودعا خبير الري الفلاحي الى استعمال آخر التقنيات الحديثة لبلوغ ما يعرف بالري الذكي، وقال كبيش: ” لا ينبغي لنا التفكير في استعمال تكنولوجيا تم التخلي عنها من طرف عديد الدول المتقدمة بصفة تدريجية بعد بروز تقنيات أحدث منها”
وفي ذات السياق، دعا المختص في الموارد المائية والري، حموش إبراهيم، إلى إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة على أساس مبدأ الاقتصاد الدائري، الذي يعتمد على مبدأ معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة التدوير للحفاظ على موارد المنبع وتقليل حجم التصريفات الملوثة في الطبيعة.
وعلى الصعيد العالمي قال حموش أن حوالي 8 مليار متر مكعب يُعاد استخدامه حول العالم، حيث تعيد إيطاليا وإسبانيا استخدام ما بين 8 و 14 بالمائة من إنتاجهما، متقدمتان بفارق كبير على فرنسا.
وبالنسبة للوضع في الجزائر، أوضح خبير الموارد المائية أن لدينا أكثر من 200 نظام تنقية (STEP) تسمح بتنقية ما يقرب من 500 مليون متر مكعب/سنة، منها ما يقرب من 50 مليون متر مكعب تستخدم فقط في الزراعة، وهو تقدير بمعدل أقل من 10بالمائة.
وفي سياق تقديم الحلول والمقترحات دعا الخبير في الموارد المائية إلى إدخال أصناف جديدة أكثر تحملاً للجفاف، والاعتماد على أنظمة ري أكثر كفاءة في استخدام المياه، واستخدام التكنولوجيا الجديدة لإدارة الري والمحاسبة المائية.
من جهة أخرى بيّن الخبير في الصيد البحري، رشيد عنان مكانة المنتجات المائية في سياق الأمن الغذائي والصحي، مشيرا إلى أنها تشكل مصدر هام وعضوي للبروتين الحيواني والنباتي ومورد لترقية والصناعات التحويلية.
وكشف عنّان، أن قطاع الصيد البحري وتربية المائيات يسجل إنتاج 100 ألف طن من الأسماك تضاف إلى معدل 50 الف طن من المنتجات المستوردة بجميع أصنافها الخام والمحولة.
وأوضح المتدخل خلال الجلسة عدة قضايا قد تعيق تطور القطاع كالتبعية في مصادر المدخلات بنسبة كبيرة الى القارة الأوروبية، وعدم تنويع مصادر التمويل نظرا للأنظمة الجمركية والاتفاقيات الصحية المحدودة، بالإضافة الى تسجيل نمو ديمغرافي مستقر (حاليا 43 مليون نسمة) مما يفرض زيادة الطلب على الغذاء بنسبة 1.9% في السنة.
كما ان الوضع الاقتصادي الهش والقائم على المداخيل البترولية الغير مضمونة الاستدامة يضع هذا التأمين على المحك.
ودعا المختص في قطاع الصيد البحري الى التوجه نحو الأقطاب الانتاجية حسب خصوصيات كل منطقة، إضافة الى دعم وترقية انشاء التعاونيات حسب الشعب الإنتاجية.
وشدّد عنّان على ضرورة إنشاء هيئة وطنية للأمن الغذائي تحت وصاية الوزير الأول أو رئيس الجمهورية تتكفل بالاستشراف، ووضع الاستراتيجيات الوطنية ومتابعة التنفيذ، إضافة الى استحداث خلية يقظة إستراتيجية لمراقبة واستشراف مصادر مختلف المنتجات المرتبطة بالأمن الغذائي والاستشعار المسبق لأي خلل في التموين ناتج عن اختلالات السوق أو بؤر التوتر الدولية، مع تجهيز حلول بديلة.