إفريقيا تعود شيئا فشيئا للبروز كقوة إقليمية، تحاول إسماع صوتها، والكشف عن صورة جديدة مغايرة للجميع مبدية انفتاحا واستعدادا للعمل مع كل الأطراف في إطار علاقات متكافئة وشركات متبادلة المنافع، تكون متوازنة مع القوى الإقليمية والدول المتطورة، وباتت أكثر وعيا وميلا لتقوية صفوفها وتعميق وحدة بلدانها، مدركة أنّ ذلك سيعود عليها بالكثير من الامتيازات، ويخفف عنها عبء التحديات الثقيلة في صدارتها مأزق الديون، وتهديدات بؤر التوتر والجوع والفقر والإرهاب، وما إلى غير ذلك.
إفريقيا، يعرف أنها القارة الغنية بالثروات والفقيرة من حيث التنمية الاقتصادية والتطور التكنولوجي، غير أنها اليوم مصرة على الثبات وفق مسار بناء غد أفضل لشعوبها، ومستعدة للانصهار في شراكات إستراتيجية لا أن ينظر إليها فقط كسوق ضخمة للسلع والاستثمارت، بشكل يستنزفها عبر الاستيلاء على ثرواتها بأسعار رمزية بل شريك محترم وموثوق فيه، لذا نقاط قوة إفريقيا اليوم والتي ينبغي أن تدركها وتركز عليها أنها تتحرك بصوت واحد وتتعاون فيما بينها على جميع الأصعدة، لأن مصيرها مشترك بحكم الروابط التاريخية والجغرافية الممتدة عبر عقود طويلة من الكفاح والمعاناة.
في ضوء تسابق الدول عبر مختلف القارات نحو البحث عن تحالفات اقتصادية وأمنية أكثر متانة وبأبعاد إستراتجية كبرى، بعد أن غيرت الحرب الروسية الأوكرانية من الموازين ومن خريطة التحالفات التقليدية، وفتحت المجال أمام تغيرات عميقة منتظرة في المستقبل القريب، يمكن للقارة السمراء أن تغتنم الفرصة وتنصهر في تحالفات جديدة، تنقل لها ما تحتاجه من علم وتكنولوجيا وآليات تنمية، تعد أداة جوهرية لردع الإرهاب وتطهير تواجده المهدد للاستقرار والمشجع للنزوح.
إفريقيا قادرة اليوم على تجاوز ماضي صعب وجراح عميقة، ولن تضيع المزيد من الوقت، لتضع خطواتها الأولى بشكل صحيح لتبني خيارات تعزز مركزها أمام القوى العالمية، والبداية تكون من إصلاحات عميقة وخطط صحيحة وتحركات عاجلة، لإعادة بناء ما تنتظره شعوب القارة المتعطشة لحياة أفضل، بعيدا عن النزاعات والحروب والفقر والمعاناة، واستدراك ما فات، بفتح صفحة التعاون المشترك والتكامل الذي يجعلها كتلة موحدة اقتصاديا وتتقاطع حول المصالح المشتركة والأولوية في الشراكة التجارية والاقتصادية في التعاون البيني، بعد ذلك يمكن القول أن وزنها سيكون أكثر تأثيرا مما سبق.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.