لماذا لا نفرض غرامات على إهدار الطعام في بلادنا، ونقنّن هذا الجانب، مع استثناء المستهلك، ونحارب متلاعبين بالطعام وسعره، قبل وأثناء وبعد الإطعام؟
سؤال قفز إلى ذهني بسرعة البرق وأنا أطالع برقية عن تقديم حكومة دولة أوروبية مشروع قانون لوضع حدّ لإهدار الطّعام، ينُصّ على فرض غرامات على المطاعم و»السوبرماركت» التي ترمي الطّعام.
كثيرا ما نعيب على هذا العالم سوء توزيع الثّروة، الغنى والفقر، ونتحدّث عن سوء التغذية، ونتساءل عن الضّمير الجمعي، الذي يقفُ مشاهدا ومتابعا، لا غير، كيف تحوّلت سلال القمامة إلى «مجمّعات» للخبز «المرمي واليابس» مثلما يقال، وجنبه فواكه فاسدة، وبقايا أكل زائد عن حاجة من يرمُوه كلّ يوم.. ويستغفر أعوان النّظافة فجرا، كلّما رأوا هذه النّعم مرمية في المزابل..
ملايين الأطنان من الأطعمة والمشروبات نلقيها سنويا بهذا الشكل، وخصوصا في الشهر العظيم، رمضان، الذي تُنافس فيه أرقام الأطعمة سماء الغلو بـ 120 مليون «خبزة مرمية»، وما يمثّله ذلك من ملايير الدينارات التي تتسرّب من الجيوب، في غفلة منّا، ثم نكرّر الإهدار بكثير من البافلوفية المثيرة لحنق وغرابة خبراء الحسابات والبحث عن بدائل لكي شيء، فما بالك ببدائل تُجنّبنا التبذير في هذا الأمر.
أوروبا كُلُّها تقريبا تتجنّد بحملات التّحسيس وبالعقاب القانوني، لاتخاذ تدابير مكافحة إهدار الطعام، بينما نكتفي بحملات محتشمة لحث الناس على وضع فضلات الطعام في مكان، وفضلات الزجاج في آخر، وفضلات الورق في سلة ثالثة، والأجدر بنا ولنا، لو نفكّر في تحويل المهدور إلى اقتصاد تحويلي يسمح بتحويل الطعام غير الصالح للاستهلاك، إلى عصير أو مربى، أو تحويله إلى غذاء حيوانات أو سماد مثلا، مثلما يحصل في بلدان متطورة تُقلل من الخسائر، حتى آخر غرام من منتجاتها.
فهل من شباب في المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة من ينقذ الطعام المهدور، ويحوله إلى نعمة أخرى إن لم يستفد منها البشر بشكل مباشر، عادت إليهم في شكل منفعة أخرى، عن طريق الأرض والحيوان..؟
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.