قدم خبراء في الاقتصاد والمالية تشخيصا للاقتصاد الوطني والوضع الطاقوي في الجزائر، في منتدى “الشعب” بشأن “آفاق الاقتصاد الجزائري.. في ظل قانوني الاستثمار والمناطق الحرة”.
يتوقع الخبير الاقتصادي، عبد الرحمان مبتول، في مداخلة له في هذا المنتدى، ان تصل مداخيل المحروقات 58 مليار دولار في حصيلة السنة الجارية 2022.
قدم الخبير الاقتصادي عبدالرحمان مبتول في مداخلة بمنتدى “الشعب” حول “آفاق الاقتصاد الجزائري” شخّص فيها الوضع الطاقوي في البلاد، وقال في معرض حديثه عن توقعات مداخيل الطاقة بالجزائر، إن توقعاته بهذا الخصوص يمكن ان ترتفع الى 70 مليار دولار مداخيل المحروقات في البلاد، “إذا أطلقت مشاريع أخرى” هذه السنة، ما يعني مداخيل إضافية تقفوق 20 مليار دولار مقرونة بتحريك مشاريع طاقوية لها علاقة بالمحروقات، استثمارا واستهلاكا.
برأي مبتول، وهو تقدير موجود عند كثير من الخبراء، والتقارير المنشورة، “استهلاك الطاقة في الجزائر يكاد يعادل حجم صادرتها”، وهو ما يدفعه الى تنبيه ضروري عن حجم الإستهلاك الطاقوي المتعاظم في الجزائر، والذي إن “استمر بهذه الوتيرة، لن نجد ما نصدره في سنة 2030”.
هذه المعاينة تقود مبتول الى الحديث عن جوانب أخرى، مهمة أيضا، عن آفاق الاقتصادي الجزائري، منها “انتاج الطاقات المتجددة في الجزائر يقدر بـ0.8 بالمائة سنة 2021”.
دعوات للإصلاح
وتحدث عبد القادر بريش، نائب بالمجلس الشعبي الوطني، والخبير الاقتصادي، عن فعالية قانون الاستثمار الجديد، التي تتعلق بمدى تحيين القوانين خاصة تلك المتعلقة بالعقار الصناعي”، وعن “جودة التشريع من بين الآليات الفعالة في استقطاب المستثمرين الأجانب”، و”الأمن القانوني والاستقرار في القوانين له أهمية بالغة في النهوض بالاقتصاد بشكل عام”.
تفاؤل بريش بشأن الوضع الاقتصادي في البلاد يدفعه للقول “ننتظر قوانين خالية من التناقضات، كما ننتظر مرافقة قانون الاستثمار بالإصلاحات التي تعهدت بها الحكومة”.
ويضيف المتحدث: “كما أن الإصلاح الضريبي ضرورة قصوى في الفترة الحالية، ومن المفروض ان يكون من بين الأولويات، وندعو إلى إصلاح جذري وشامل في هذا الجانب”.
ويُفصّل بريش في دعوته الى الإصلاح الجذري، بمثال يقول فيه “على بنك الجزائر ان ينهض من سباته، ولابد من تحيين بعض القوانين التي تسهم في رفع القيود على تحويلات المالية وحركة رؤوس الأموال”، وهو ما يعني –في تشخيص هذا الخبير- “أن نجاح الإصلاحات يتطلب منهجية واضحة، محددة الزمن ومتوافقة مع برامج الإنعاش الاقتصادي”.
ويدعو هذا المحاضر المجلس الوطني للاستثمار لـ”أن يكون هيئة تفكير وتقديم الحلول، لا مجلسا لمنح الرخص بعد سنتين من إيداع الطلبات مثل ما كان يحدث سابقا”.
دفاعا عن المناطق الحرة في الجزائر
وتحدث الباحث وخبير دولي في الاقتصاد البروفيسور فريد كورتل في مداخلة بمنتدى “الشعب” حول “آفاق الاقتصاد الجزائري” عن المناطق الحرة وقانون الاستثمار الجديد وآثارهما على الايجابي على اقتصاد البلاد
وقال الخبير الدولي في الاقتصاد إن مشروع قانون المناطق الحرة، الذي قدمته وزارة التجارة سيناقش في جلسة علانية بالبرلمان الاثنين المقبل، جاء بالقواعد العامة للمشروع ولا يمكن الاستثمار في المناطق الحرة دون صدور قانون استغلال المناطق الحرة.
في هذه النقطة يقول كورتل: “يجب أن يتبع قانون المناطق الحرة بقانون استغلال المناطق الحرة، حتى تكون الاستثمار فيها واضحة من كل الجوانب”.
وأضاف المتحدث “في الجزائر لا يوجد مناطق حرة، بعد منطقة “بلارة بولاية جيجل التي تم إنشاؤها سنة 1997، وألغيت سنة 2006 بسبب غياب المستثنىين.
وأضاف: ” صحصح انه لم يكون مستثمرين في تلك الفترة، لكن ولاية جيجل كانت منطقة ساخنة بسبب الظروف الأمنية التي عرفتها الولاية”.
ومن مبررات إلغاء منطقة بلارة الحرة ضغط منظمة التجارة العالمية التي اشترطت إلغاء المادة 17 في قانون المناطق الحرة، على اعتبار أن هذه المادة كانت ترخص ببيع 50 بالمائة من المنتجات إلى السوق الوطنية وهذا ما يضر باقتصاديات دول أخرى”، وهو ما لا يساعد منافسين أجانب.
وعندما يتم اقتناء المنتجات مباشرة من المناطق الحرة تنخفض مصاريف الشحن، وبالتالي ينخفض السعر، وهي نقطة ثانية لا تراها منظمة التجارة العالمية بعين الرضا.
وتحدث الخبير كورتل عن أوضاع الاقتصاد العالمي وعن انفراج أزمة كورونا وآثارها على “أسعار النقل البحري من الصين إلى الجزائر قفزت تقريبا من 3000 دولار إلى 25 ألف دولار يعني رقم مذهل”.
وفي حديث عن مزايا إنشاء المناطق الحرة في الجزائر، لفت كورتل الانتباه الى استيراد من المناطق الحرة مباشرة يوفر مصاريف النقل أو الشحن، إضافة الى وتوفير السلع والخدمات بأقل الأسعار، خاصة وتوفير مناصب شغل، وزيادة الصادرات خارج المحروقات، واسترجاع توازن ميزان المدفوعات والميزان التجاري.
وبخصوص مشروع قانون الاستثمار الجديد، قال المتحدث إن كثرة إعداد القوانين، في كل مرة مرة، يساهم في تعطل قانون الاستثمار الجديد، حتى يكون ملما بكل المعطيات التي كانت تعتبر معرقل وغير محفز للمستثمرين الأجانب خاصة وأن الغاية من هذا القانون هو جلب الاستثمار الأجنبي إلى الجزائر.
وأوضح ان حجم الاستثمارات الأجنبية بشكل مباشر في الجزائر من 2000 إلى 2021، يقدر بمليارين و753 مليون دولار، ثلثي هذه الاستثمارات في المحروقات.
أما الاستثمارات خارج المحروقات في الجزائر فلا تتجاوز ملايين الدولارات سنويا فقط، في عين هذا الخبير، الذي يرافع لإعادة النظر في المنظومة القانونية والاستثمارية في البلاد، لصالح انفتاح أكبر على المشاريع الجديدة في الطاقات المتجددة وغيرها، مما يزيد من حظوظ الجزائر في التموقع في الأسواق الجديدة مستقبلا.