حسم المجلس العسكري في مالي أمره وأعلن إرجاء العودة إلى الحكم المدني حتى مارس 2024، حيث أصدر رئيس المجلس الكولونيل أسيمي مرسومًا يحدد «الفترة الانتقالية بـ 24 شهرًا اعتبارًا من 26 مارس 2022».
وكانت القيادة الحاكمة في باماكو قد تعهدت بإعادة الحكم المدني بحلول فيفري 2022، لكنها عجزت عن الوفاء بوعدها، ومددت الجدول الزمني لاحقًا بعد أن اصطدمت بتحديات وصعوبات منعتها من العودة السريعة للنظام الدستوري، ما أغضب المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا «إيكواس» التي فرضت عقوبات قاسية على مالي، زادت الوضع الاجتماعي سوءا في هذه الدولة التي بالكاد تستطيع توفير ضروريات الحياة لشعبها.
ولا يبدو بأن رفع هذه العقوبات سيكون غدا على اعتبار أن رؤساء دول غرب إفريقيا ربطوا ذلك بتسريع القادة في مالي خطة إعادة السلطة إلى المدنيين،و هو لن يحصل قبل سنتين، ما يعني أن القبضة الحديدية ستكون سيدة الموقف بين باماكو و»إيكواس» نراها تعامل دولة مالي بكثير من الحدّة والقسوة مقارنة مع بوركينافاسو وغينيا، رغم أن الدول الثلاث شهدت انقلابات عسكرية متتالية، في العامين الماضيين، اثنان في باماكو وواحد في كوناكري في سبتمبر الماضي وآخر في واغادوغو في جانفي 2022.
«إيكواس «التي تضم 15 دولة من غرب إفريقيا وكردّ فعل على هذه الانقلابات، سارعت إلى تعليق عضوية الدول الثلاث، لكنها بينما فرضت علي مالي عقوبات اقتصادية ومالية مشددة منذ جانفي الماضي، اكتفت بالتهديد باتخاذ خطوات مماثلة بحق بوركينا فاسو وغينيا، وهذا التمييز والمعاملة الفظّة والتي دفعت باماكو إلى الانسحاب من مجموعة «ساحل 5»، تتزامن وتتناغم مع الحملة التي يشنها الإعلام الفرنسي ضد القيادة العسكرية في مالي، حيث ينعتها بأسوأ الأوصاف، ويتهمها بأخطر التهم، ويحملها مسؤولية تنامي العداء الشعبي ضد فرنسا التي أرغمت على الانسحاب العسكري من مالي وهي تجرّ أذيال الخيبة والهزيمة.
في الواقع، لا يمكن أن نفصل الضغط الذي تمارسه «إيكواس» على دولة مالي عن الحرب الباردة المعلنة من طرف فرنسا عليها، لكنّنا نتساءل هل سياسة الضغط والتجويع هي الحل في بلاد تعد من البلدان الأكثر اضطرابا والأكثر فقرا في العالم ؟ الجواب بكلّ تأكيد سيكون لا، لأن سياسة العقوبات لها آثار سلبية، ولا يمكنها أن تساعد مالي على تسريع العودة إلى الحكم المدني بل على العكس، فهي تزيد الوضع سوءا، ما يفرض على دول مجموعة غرب إفريقيا أن تغيّر تعاملها مع القيادة الحاكمة في باماكو، فتتفهّم المبررات التي ساقتها لتمديد الفترة الانتقالية خاصة بالنسبة للخطر الإرهابي، وأن تعمل معها يدا بيد لتبديد كل ما يمكن أن يؤخر إعادة بناء الدولة وتنظيم الانتخابات.
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق