قدم اليوم الخبير الاقتصادي والوزير السابق البروفسور عبد الرحمان مبتول لدى مروره ضيفا بمنتدى جريدة الشعب، تشخيصا للوضع الطاقوي الجزائري ومدى ارتباطه بالتطورات الجيوستراتيجية الحاصلة على المستوى الدولي، وتحدث البروفسور مبتول عن العوامل التي من شأنها تمكين الجزائر من تموين أوروبا بالطاقة وبالأخص الغاز بعد نشوب الأزمة الروسية الأكرانية والتداعيات التي تلتها.
وقال الخبير الاقتصادي، إن الجزائر باتت مطلوبة بكثرة من طرف مختلف دول الاتحاد الأوربي كشريك استراتيجي لضمان أمنها الطاقوي على المدى القصير والتقليل من التبعية للغاز الروسي الذي يلبي 45 % من احتياجاتها، غير أن تمكن الجزائر من رفع قيمتها التموينية للأسواق الطاقوية الأوروبية من 11% إلى 25% يتطلب توفر عدة شروط إستراتيجية، أولها تحسين دور الفعالية الطاقوية للتقليل من الاستهلاك الداخلي للغاز وتحويله بالمقابل للتصدير، وذلك من خلال استغلال التقنيات الحديثة في البناء لتوفير ما بين 30 إلى 40 % من الطاقة.
رفع حجم الاستثمارات في قطاع الغاز
أما الشرط الثاني فيتمثل في الرفع من حجم الاستثمارات في قطاع الغاز، وهو شرط يقول ضيف منتدى الشعب، إنه في طريقه للتجسيد، وهذا بعد التعليمات التي أسداها رئيس الجمهورية خلال مجلس للوزراء، حيث أمر بتخصيص قيمة 40 مليار دولار كاستثمارات في مجال المحروقات، 8 مليار دولار منها ستستثمر خلال سنة 2022.
أما الشرط الثالث فيتمثل في التوجه نحو الطاقات المتجددة واستغلال المخزونات الهائلة منها بهدف التقليص من الاعتماد على الغاز في توليد الكهرباء، ويؤكد مبتول على ضرورة إطلاق استثمارات في هذا المجال للرفع من نسبة مساهمة الطاقات البديلة في المزيج الطاقوي الجزائري والتي لم تتعدى 0.8% خلال سنة 2021، في حين بإمكان ضمان ما بين 30 إلى 40% من حاجيات الجزائر الطاقوية من هذه المصادر حسب دراسة أنجزتها وزارة الطاقة يقول ذات المتدخل، ومن بين المصادر البديلة أيضا، الطاقة النووية التي تعتبر شرطا رابعاً، وهو ما ستعمل على تجسيده الجزائر خلال سنة 2025 ببنائها لمحطتين نوويتين بهدف إنتاج الطاقة.
الطاقات الأحفورية مصدر هام واستراتيجي
وإضافة إلى الطاقات البديلة، تظل الطاقات الأحفورية كالبترول والغاز الصخري مصدراً هاما واستراتيجيا وشرطا خامسا –يقول مبتول- لتلبية حاجيات أوروبا المتزايدة من الغاز، حيث وجب استغلال كل المكامن التي تحوزها الجزائر مع مراعاة الخطورة التقنية المصاحبة لها، وهذا من خلال الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة التي سبقتنا في استغلال هذا المصدر من الطاقة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة إذا علمنا أن الجزائر هي ثالث أكبر احتياطي عالمي من الغاز الصخري بـ 19800 مليار متر مكعب.
أما الشرط الأخير فيتمثل في أنبوب الغاز الرابط بين الجزائر ونيجيريا، والذي عرف مؤخرا العديد من التعقيدات بسبب عدم توضيح الطرف النيجيري لموقفه من الشريك الذي سيتقاسم معه أعباء المشروع.
أوروبا تبقى السوق الطبيعية للجزائر
وفي خضم ذلك عرج مبتول على قرار الجزائر بتعليق الجزائر لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون مع اسبانيا، وذكر بتصريح رئيس الجمهورية عبد المجيد الذي قال في وقت سابق ”إن الجزائر لن تتخلّى عن التزامها بتزويد إسبانيا بالغاز مهما كانت الظروف”، إلا في حال خرق اسبانيا لأحد بنود العقد الذي يربطها بالجزائر، وهو نفس التصريح الذي أكد عليه محمد حناش سفير الجزائر لدى الاتحاد الأوروبي.
وتبقى أوروبا حسب ضيف الشعب، السوق الطبيعية للجزائر، بحيث لا يمكنها في الوقت الحالي التوجه نحو الأسواق الآسيوية البعيدة ومنافسة منتجين كبار منثل ايران التي تتربع على احتياطي غازي يفوق 35 ألف مليار متر مكعب، وروسيا باحتياطي يصل إلى 45 ألف مليار متر مكعب وكذا قطر باحتياطي يفوق 20 ألف مليار متر مكعب، بإضافة إلى 35 ألف مليار متر معكب من الغاز السيبيري الذي سيدخل حيز الاستغلال سنة 2023.