أحسسنا أمس بأنّنا من ذوي الحظ العظيم، حين تمكّنا من استغلال أنترنيت في خضم امتحان البكالوريا، ولم نضطرّ إلى الانقطاع عن العالم بسبب نشاط لا يجمعنا به سوى أمنيات النجاح التي نرفعها إلى الطلبة..
ولقد اتّخذ منظّمو البكالوريا لامتحانهم مقتضيات الحذر، فحجبوا بعض منصّات التّواصل، مثل «فايسبوك» و»ميسنجر»، على أساس أنّ هذه التطبيقات يمكن أن تفسح، لمن بيّتوا نيّة الغش، منافذ يتسلّلون منها. غير أن «الحجب»– وفق بساطة ما نعرف – ليس ينفع شيئا، مع شباب يتفق الجميع بأنه تشرّب التعامل مع الأدوات التكنولوجية حتى صارت جزءا من واقعه اليوميّ، ولهذا، فهو يعرف، عزّ المعرفة، أن هناك شبكات افتراضية خاصة (VPN) تسمح للجميع، بتجاوز الحجب الجغرافي مجانا، تماما مثلما تسمح بتغيير العنوان الرقمي، واكتساب هويّة مختلفة، وأن هذه الشّبكات الافتراضية تقبلها التشريعات في كثير من الدّول، شرط أن لا تستغل في أعمال قرصنة، أو تحميل مادة محمية بحقوق التأليف..
ولسنا نعرف إن كان منظمو الامتحان قد اتخذوا إجراءات لقطع أوصال الشبكات الافتراضية، ضمانا لتمرير الحجب، إذ لا يكون للإجراء معنى إذا توفرت أدوات تجاوزه، بل إنّه يمكن أن يتحوّل إلى وسيلة إشهار مجانية للشبكات الافتراضية، عوضا عن القيام بدوره الأساسي المتعلق بقطع سبل التلاعب بالامتحان..
ما نعرفه جيّدا، أن «الغشّ» تحوّل إلى حالة مرضية مخيفة، فهو لا يتوقف عند البكالوريا، وإنّما يمتدّ إلى جميع أنحاء الحياة اليومية، تقريبا، ونراه جميعا يسير بين الناس في الأسواق؛ وعلى هذا، نعتقد أن «حجب تطبيق» ليس إجراء نافعا، وأولى أن نعالج المشكل من أسسه التي ينبني عليها، والحرص على استعادة الأخلاق السامية كي تكون معايير تسيّر الحياة اليومية..
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.