هناك دول كثيرة تعيش على الهامش، فلا يراها العالم ولا يهتمّ بأحوالها حتى وإن بلغت من التدهور ما تنأى الجبال عن تحمّله، ومن بين هذه الدول التي تكاد تغيب عن المشهد الإعلامي العالمي، الصومال التي تعاني الكثير من المشاكل والمصاعب والتحديات على جميع المستويات، الأمنية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الطبيعية.
فهذه الدولة العربية الواقعة في القرن الإفريقي، ظلّت طول السنين تئن تحت وطأة التدخلات الخارجية حيث تداول عليها أكثر من استعمار، وقسّمت إلى أكثر من جزء، وبعد أن نالت استقلالها، وأعادت توحيد جغرافيتها، واجهتها العديد من الصعوبات لتجد نفسها واحدة من الدول الأكثر فقرا وهشاشة بالرّغم من أنها تتوفر على إمكانيات تؤهلها لتحتلّ مكانة اقتصادية أفضل بكثير مما هي عليه الآن، فالصومال وعكس ما يعتقده معظمنا، غني بثروات هائلة، إذ توجد به احتياطات نفطية وغاز طبيعي، بدأ التنقيب عليه حتى قبل الاستقلال عام 1960، ويتوفر أيضا على معادن وثروة حيوانية تقدّر بـ 40 مليون رأس من الإبل والبقر والغنم، وكذلك موارد زراعية، إذ تقدر الأراضي الصالحة للزراعة بـ 8 ملايين هكتار تجعل هذا البلد سلة غذائية لدول المنطقة، لكن عوامل الجفاف والاضطرابات السياسية المزمنة والإرهاب الذي تفرضه حركة الشباب حصرت الصومال في زاوية الفقر، وبات جزءا كبيرا من شعبه البالغ تعداده 15 مليونا يعيش على المساعدة.
بالتأكيد، الصومال يواجه وضعا صعبا، وشعبه الذي يتطلّع للخروج من حالة البؤس والتخلّف، يلقي آمالا كبيرة على الرئيس الجديد حسن شيخ محمود الذي تولّى مهامه الخميس الماضي بعد أن انتخبه نواب البلاد في 15 ماي، لينطلق بالبلاد في مسار إعادة الأمن والاستقرار ودفع عجلة التنمية.
غير أنّ مهمة الرئيس الجديد ستكون صعبة إذ أنه يواجه تحديات جمة، أبرزها محاربة الإرهاب الذي تمارسه حركة الشباب، والتي قتلت عشرات الآلاف من الصوماليين ومن مواطني دول الجوار، بالإضافة لحالة الطوارئ الإنسانية المتفاقمة التي نجمت عن أسوأ موجة جفاف منذ 40 عاما، والتي أجبرت ما يربو على 6 ملايين صومالي على الاعتماد على المعونات الغذائية. وبالرغم من ذلك فإن الصوماليين يجب أن يرفعوا التحدي، ويعملوا يدا واحدة على تبديد كلّ الصّعاب لإعادة الأمن وبناء البلاد، ومن واجب البلدان العربية الاهتمام بهذه الدولة، ومساعدتها للخروج على الأقل من حالة الفقر والهشاشة.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.