يبدو أن التقديرات لإجراء حجب مواقع التواصل الاجتماعي من أجل مكافحة الغشّ بالبكالوريا كانت في محلّها، فقد تواترت الأخبار عمّن تمكّن من تجاوز الحجب، بطريقة ما، لينشر موضوع أحد الامتحانات على واحدة من المنصّات، ويقع، في وقته، بين أيدي رجال الأمن الذين قاموا بالواجب، ومنعوا التسريب، كي يسمحوا للامتحان بالاكتمال في ظروف جيّدة.
ولسنا ننكر على أيّ أحد جهده في إنجاح عملية الامتحان، غير أن الإجراء المتعلق بالحجب بدا لنا بأنّه لا يتجاوز كونه إجراءً استعجاليا، كان ينبغي أن يُتبع بتفكير جديّ في أصل المشكلة، من أجل تفاديها بشكل نهائي، عوضا عن تحويله إلى ثابت سنوي، يحمّل الناس جميعا مسؤولية امتحان لا صلة لهم به، عدا الدّعاء بالتوفيق للطلبة.
فـ»الحجب»، وإن اكتفى بمنصّات التواصل فقط، فهذا لا يعني أنّه لم يعطّل مصالح لها أهميّتها، ولا شكّ أن في النّاس من دفع ثمن إشهار فضاع عليه، وهناك من ارتبط بموعد ملتقى علمي ففاته، وهناك من لديه امتحان لا يقلّ أهميّة، بالنسبة إليه، عن امتحان البكالوريا، ما يعني أن تعطيل منصّات التّواصل ينبغي أن يكون حلاّ ظرفيا، يسمح ببعض الوقت للتفكير في التّوصل إلى طريقة مثالية، تضع حدّا للغشّ..
عودا على بدء.. إن الغشّ حالة مرضية عضال، ولقد قدّمت البكالوريا تشخيصا واقعيا للحالة؛ لأنّها تمثل حدثا كبيرا، بينما تمرّ حالات الغشّ اليومي، أمام الجميع، مرور الكرام، ولا تجد من يهتمّ بها ولا من يحاول الخلاص منها، بل إن المجتمع برمّته صار يتقبّلها على أساس أنها الأمر الواقع، فهو يقبل بأن يشاهد بطاطا، ويشتري (بتاتا) على رأي المرحومة وردية، ويقبل أن يسجّل في مدرسة، ويدرس بمستودع.. كل هذه، وحالات أخرى، تقول يوميّا إن آفة الغشّ بلغت مستوى مرعبا، وليس تنفع معها الإجراءات الاستعجالية..
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.