أطلقت وسائل التّواصل الاجتماعي العنان لكثير من الموبقات كي تتأصل في الأوساط الاجتماعية، وتتسلل إلى جميع أنحاء الحياة اليومية، في غياب تنظيم واضح يحمي الناس من الأوبئة التي تتوسع يوما بعد يوم، دون أن تجد وازعا يردّها، ولا قانونا يردعها.
ولقد صار دأب الفاشلين، نشر الفاحش، والتغنّي بالمقذع، وتوزيع المنكرات، حتى ظهروا وكأنهم يمثلون عموم الناس، ويقدّمون صورة عنهم، رغم أنهم فئة قليلة من المرضى النفسيين والمكبوتين الذين وجدوا فيما توفّره منصّات التّواصل مرتعا لنشر الرّذيلة، وليس ينفع شيئا في تجنّبهم؛ ذلك أن الحظر الذي توفره منصّات التّواصل، على أساس أنها تحترم الحريّات الفردية، لا يفيد شيئا في تجنّب ما ينشرون.
ونعتقد أن منصّات التّواصل الاجتماعي تمرّر أهدافها التي تتأسس عليها، وهذه لا سلطان لأيّ كان عليها، ولكن هذا لا يعني مطلقا الرّضوخ لها، ولا الوقوع في فخاخها؛ ولهذا ينبغي للقانون أن يكون له حضوره القويّ من أجل فرض النظام في مجالات اختصاصه، إذ ليس يعقل أن يجرّم الفعل الفاضح في المجال العمومي، ويغفل عن مجال عمومي أكثر اتّساعا، بحكم أنّه افتراضي، فالضرر على المستوى الافتراضي أصبح أكبر وأخطر من الضرر الذي يحدثه فعل معزول في ساحة عمومية..
لقد صار مقبولا أن تتحول كل نطيحة ومتردّية، فجأة، وتحلّق في سماوات (النّجومية)، بمجرّد التخلّص من ثوب الحياء، وترديد بعض الكلام الرخيص، فيصير اسمها (مؤثرة)، بحكم عدد المشاهدات أو عدد «اللايكات»، كي تمرّر بعد ذلك ما تشاء من مهازل، ولا تجد من يكفّ أذاها عن النّاس.. بل تنال المتابعات العالية، والانتشار الواسع..
ونعتقد أن الوقت قد حان لوضع حدّ لكثير من التّرهات التي تغزو حياة الناس، فإنّ خطرها يتفاقم، ولا نعرف إلى أين يمضي بنا..
الفعل الفاضح والقول الفاحش، هما نفسهما في الواقع والافتراضي معا، وإذا كان القانون يحمي منهما الناس في الواقع، فينبغي أن يحميهم كذلك في الافتراضي.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.